إختر عدداً من الأرشيف  
لبنان

ناشد رئيس مجلس النواب عقد جلسة انتخاب الرئيس بعد الجلسات التشريعية
البطريرك الراعي يحذر الجميع من التلاعب بالاستحقاق ورأى ان الكلام من الفراغ اهانة
صعّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي معركته من اجل رئاسة الجمهورية، منعا للذهاب بالبلد الى الفراغ في المقام الاول في الجمهورية اللبنانية، وبعدما كان جعل من هذه القضية موضوعا رئيسيا على جدول اجتماع المطارنة الموارنة الذي التأم برئاسة البطريرك في الاسبوع الماضي، صعد غبطته من لهجته، في معركة، سلاحه فيها الكلمة الحرة والحازمة والموقف الوطني الواضح والمباشر، الذي لا لبس فيه. فحذر من مغبة التلاعب بالاستحقاق الرئاسي، مؤكدا ان لبنان بحاجة الى رئيس قوي يتمتع باخلاقية عالية وبمثالية حياتية. واذا كان قد جعل عنوان معركته رئاسة الجمهورية فهو لم ينسَ حاجات المواطنين الذين ينؤون تحت ثقل الاوضاع الاقتصادية والمعيشية.
هذا الكلام اطلقه الكاردينال الراعي في فضاء الباحة الخارجية للصرح كابيلا القيامة، في قداس احتفالي اقيم يوم الاحد الماضي لمناسبة مرور 50 عاما على تأسيس الحركة الرسولية المريمية في زوق مصبح.
جاء ذلك في عظة البطريرك التي قال فيها: نعيش في زمن، لا يرى فيه معظم الناس سوى مصالحهم وسطحيات الأمور، ولا يدركون إلا ما يرونه هم وبحسب فهمهم وإدراكهم. ذلك أنهم فريسة تيارات ثلاثة تجتاح المجتمعات البشرية، وهي النسبية والاستهلاكية والنفعية.
فالنسبية تضع جانبا الحقيقة الموضوعية المطلقة، فلا يصدق الانسان الفرد أو يعتقد إلا ما يراه من منظاره الضيق المرتبط بمصلحته واختباراته ومنحى حياته، ويعتمد بالتالي على حريته الشخصية، كقيمة مطلقة، ويتصرف كيفما يشاء من دون أي مرجعية روحية وأخلاقية. تيار النسبية يمنع الحرية من أن تكون في خدمة الحقيقة.
والاستهلاكية تضع الانسان في حالة من العبادة لما يملك، والسعي المفرط إلى جمع المال، وتلبية نداءات الشهوة. الاستهلاكية تنتزع من داخل الانسان أسسه الأخلاقية والمناقبية، وتفرغ نفسه من القيم الروحية، وتخلف عنده ذهنية مادية كلمتها واحدة: ماذا تعطيني.
والنفعية تخلق عند الانسان عينا جائعة، تبحث فقط عن المنفعة الشخصية. تحت وطأتها يصم الإنسان أذنيه، لئلا يسمع نداء المحتاج والمسكين، فيحجب نظره عن بؤس الآخرين لئلا يضطر إلى مد يد المساعدة إليهم.

لعلنا نحن منهم! يا رب، أعطنا إيمان الأعمى وبصيرته، لكي ندرك هذا العمى فينا، ولكي يدركه كل إنسان، ولا سيما المسؤول في العائلة والكنيسة والمجتمع والدولة.
وأضاف: إننا نصلي من أجل المسؤولين في المجلس النيابي، الذي يعقد جلساته التشريعية في هذه الأيام لكي يروا الأمور على أساس الحقيقة المطلقة المتعلقة بالدولة والإنسان والوطن، وبحاجات المؤسسات العامة وحاجات المواطنين، وبإمكانيات الدولة وموجباتها تجاه الشعب، مع حفظ التوازن في ما بينها، حماية للجميع. هذه الرؤية متوجبة أيضا على الشعب اللبناني والنقابات.
وقال: إنطلاقا من هذه المبادىء، نرجو من نواب الأمة وضع التشريع المناسب للأمور العالقة، ونذكر منها سلسلة الرتب والرواتب بحيث تضمن الدولة مصادر تمويلها من دون أن ترهق الخزينة والمواطنين بمزيد من الضرائب وسط أزمة إقتصادية ومعيشية خانقة، وتعطي أصحاب الحقوق حقوقهم العادلة، والزيادة المحقة لأجور المعلمين، مع المحافظة على المدرسة الخاصة والكاثوليكية، فلا ترهق الأهل، ولا تظلم المعلمين، ولا ترغم المدرسة على إقفال أبوابها، وحرمان المعلمين من فرص العمل، وتشريدهم. بل من واجب الدولة أن تحافظ على هذه المدرسة، وتعمل على شد أواصر الوحدة والتعاون بين الأهل والمعلمين والإدارة، لخير أجيالنا الطالعة. وإننا نكرر رفض الظلم المتعمد بحق أهالي الطلاب والمدرسة معا في إقرار أي مفعول رجعي لزيادة الأجور. كما نذكر إقرار ما يتعلق بالتعديلات على القانون 210 بحيث يساوي بين المؤسسات الإسلامية والمسيحية لناحية الضرائب والرسوم المفروضة عليها، علما أنها مؤسسات لا تتوخى الربح لكونها تعمل في خدمة التربية والصحة والحاجات الاجتماعية والروحية والإنسانية، وتخفف عن الدولة عبئا كبيرا من مسؤولياتها الأساسية.

رئيس الجمهورية
وتابع: أما والبلاد تستعد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، في غضون المهلة الدستورية الجارية، وقد انقضى منها حوالي خمسة عشر يوما، فإننا نصلي لكي ينظر المسؤولون السياسيون إلى هذا الاستحقاق الأساسي في حياة الوطن، بروح التجرد من المصالح الشخصية والفئوية، وبروح المسؤولية في إيجاد الرئيس المناسب للظرف الراهن المتنوع الحاجات: السياسية والاقتصادية والأمنية، وهو ظرف يقتضي بناء الوحدة الداخلية، ونسج علاقات التعاون مع العالم العربي والأسرة الدولية، وإعادة لبنان إلى تحمل مسؤولياته ودوره في صنع الاستقرار والسلام في المنطقة، وتعزيز العيش معا بالمساواة والممارسة الديموقراطية الحقة.
وختم: إننا، باسم الجميع، نناشد دولة رئيس مجلس النواب أن يدعو المجلس، فور انتهاء جلساته التشريعية، إلى عقد جلسات إنتخابية، لكي يتبلور، عبر الاقتراع والتشاور، شخص الرئيس العتيد. ولبنان يحتاج اليوم إلى رئيس قوي أولا بأخلاقيته ومثالية حياته وأدائه عبر تاريخه، ثم بقدرته على تقوية الدولة بكيانها ومؤسساتها ووحدتها وسيادتها، وبالدفاع عنها وعن الدستور والميثاق الوطني والثوابت، رئيس قوي، قوته في وضع حد للفساد في الإدارة، ولسلب المال العام وإرهاق خزينة الدولة بسرقتها وحرمان المواطنين حقوقهم، رئيس قوي في المكون الآتي منه. إن المذكرة الوطنية التي أصدرناها ترسم تماما شخصية الرئيس القوي الذي يحتاج إليه لبنان اليوم. فحذار التلاعب بهذا الاستحقاق الرئاسي الذي هو أساس كل مؤسسات الدولة! فالكلام عن الفراغ أو السعي إليه لأغراض خفية، إنما هو إهانة لكرامة الوطن والشعب، ودليل عجز لدى نواب المجلس والمسؤولين. إن تأمين النصاب وانتخاب الرئيس إلتزام وطني وأخلاقي مشرف.

المشنوق في بكركي
وكان البطريرك الماروني استقبل مساء امس الاول، وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق يرافقه النائب هادي حبيش، وكان بحث في آخر المستجدات على الساحة المحلية وأبرزها تطبيق الخطة الأمنية ومعالجة مسألة نزوح اللاجئين السوريين الى لبنان.
بعد اللقاء، اكد المشنوق ان البحث يكون اولا ودائما في أمن اللبنانيين وأمانهم. وغبطة البطريرك هو اول الحريصين على نجاح الخطة الأمنية في كل لبنان. لقد عرضنا لغبطته ما تمكنا من القيام به حتى الآن مع الجيش وقوى الامن الداخلي، وقد منحنا بركته ودعمه وتأييده.
وتابع: ان هذا الصرح يمثل مقرا وطنيا آمنا لكل اللبنانيين وهو حريص على امنهم وامانهم. ونحن نؤكد على سير الخطة الامنية بأفضل ما يمكن، وذلك بدعم من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وشجاعة قائد الجيش واقدام قوى الامن الداخلي، وكلنا نتحمل مسؤولية واحدة مشتركة، عن كل فشل او نجاح يصيب هذه الخطة، التي هي اكثر من ناجحة حتى الآن.
وأعلن المشنوق ان الخطة الأمنية سوف تطبق في البقاع الشمالي وتنتهي في بيروت، لنقفل ملف الإعتداء على اللبنانيين وامنهم وحياتهم وارزاقهم وخصوصا بعد تكرار احداث الخطف، مضيفا ان سيدنا حريص على متابعة هذا الموضوع وانهاء هذه الظاهرة التي اساءت الى لبنان والى اللبنانيين لدرجة ان هذا البلد بات يعتبر من بين البلاد التي توجد فيها الجرائم المنظمة بسبب تكرار عمليات الخطف في السنتين الأخيرتين.

المطارنة الموارنة والرئيس
وفي بكركي وسَّع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من دائرة الضغط على القوى السياسية والكتل النيابية، دفعاً لها من اجل انجاز الاستحقاق الدستوري الرئاسي، آملاً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية. فتحول الموضوع الى قضية حملها مجلس المطارنة مع رأس الكنيسة المارونية، حيث صدر بيان عن المطارنة أواخر الأسبوع الماضي تصدوا فيه لمجموعة قضايا وطنية كبرى، فناشدوا نواب الامة الاسراع في القيام بالواجب الوطني ضمن المهلة الدستورية واختيار رئيس للبلاد قادر وفاعل ومتجرد. مبدين ارتياحهم لبدء تنفيذ الخطة الامنية في طرابلس وآملين تعميمها على باقي المناطق، ومطالبين باقرار مشروع قانون مساواة الطوائف حيال الضرائب في اسرع وقت ممكن، آملين ان تأتي تشريعات المجلس النيابي في هذه القضايا عادلة ومنصفة.
وكان المطارنة الموارنة قد عقدوا إجتماعهم الشهري، يوم الأربعاء الماضي ٢/٣/٢٠١٤، في الكرسي البطريركي في بكركي، برئاسة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومشاركة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، والرؤساء العامين للرهبانيات المارونية، وتدارسوا شؤونا كنسية ووطنية.
وفي ختام الإجتماع، أصدر المطارنة بيانا، تلاه أمين سر البطريركية الخوري رفيق الورشا، وجاء فيه:
1 - هنأ الآباء صاحب الغبطة والنيافة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على بدء السنة الرابعة من خدمته البطريركية، وشكروا الله معه على ما أغدق من نعم وخير على كنيستنا وشعبنا في لبنان والنطاق البطريركي وبلدان الانتشار، وعلى ما تم من إنجازات وترتيبات في الكرسي البطريركي، وفقا لتوصيات المجمع البطريركي الماروني، من أجل خدمة كنيستنا بوجه عام.
2 - يتقدم الآباء مجددا من مجلس مطارنة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية وجميع أبنائها بتعازيهم الحارة، بوفاة المثلث الرحمات البطريرك مار اغناطيوس زكا الأول عيواص، شاكرين الله على الخدمة الجلية والغيرة اللافتة التي ساس بها الكنيسة طوال حياته. كما يتقدمون بالتهنئة القلبية من صاحب الغبطة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني كريم بانتخابه خلفا للمثلث الرحمات، سائلين الله أن يمن عليه بنعمه الغزيرة كي يكون الراعي الصالح للكنيسة السريانية الشقيقة في بلدان الشرق والعالم.
3 - يعبر الآباء عن استنكارهم الشديد لمحاولة الخطف التي تعرض لها سيادة المطران سمعان عطالله مع مرافقه، وعن شكرهم لله على سلامتهما، وهم يناشدون الحكومة والجيش اللبناني وكل القوى الأمنية أخذ التدابير اللازمة لإيقاف ظاهرة الخطف، والقبض على الخاطفين ومحاكمتهم ومن وراءهم ولوضع حد للفوضى الأمنية، وللمحافظة على كرامة المواطنين وسلامتهم في كل المناطق اللبنانية.

ارتياح للخطة الامنية
4 - يبدي الآباء ارتياحهم لبدء تنفيذ الخطة الأمنية التي أقرتها الحكومة في مدينة طرابلس، ويتمنون أن تعمم على المناطق الساخنة الأخرى. وفيما يطالبون السياسيين بدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية من أجل إنجاح هذه الخطة لخير المدينة وسائر المناطق، يؤكدون لجميع المتقاتلين، أن تحولهم أداة لنقل الصراعات الخارجية إلى الداخل، يشكل سببا للنيل من تاريخ طويل من العيش المشترك الأخوي، وأن أي ارتهان للخارج، مهما كان رابحا، فيه خسران أكيد لا يعوض لهم وللوطن وأهله.
5 - أعرب الآباء عن تقديرهم للمساعي التي بذلت من أجل إطلاق سراح راهبات معلولا، وهم يتطلعون برجاء إلى مضاعفة الجهود في سبيل إطلاق المطرانين المخطوفين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي، والكهنة وسائر المخطوفين، ويأملون بأن تمتد هذه المساعي لتشمل المعتقلين في السجون السورية أيضا، لطي صفحة مؤلمة في تاريخ العلاقة بين لبنان وسوريا. كما يأسفون لمسلسل التعدي على المقامات الدينية، والأمكنة الأثرية في سوريا، وكأن هذه الحرب تهدف إلى محو آثار تاريخ حضاري طويل، شاركت في بنائه مكونات المجتمع السوري المتنوعة.
6 - يتطلع اللبنانيون بأمل إلى الحكومة الجديدة ويتمنون لها النجاح في المهمة الدقيقة الملقاة على عاتقها، في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ لبنان، التي تفترض تماسكا وطنيا، ورسما لأهداف واضحة وقرارت مسؤولة، وعملا دؤوبا لتأمين الخير العام وخير اللبنانيين جميعا. ويؤلم الآباء الواقع المؤسف الذي يؤدي إلى تظاهرات وتعطيل عمل المؤسسات ومجرى الحياة العامة، بسبب عدم إيجاد حلول مرضية للجميع، وبخاصة في مواضيع العنف الأسري ضد المرأة، وسلسلة الرتب والرواتب، والمياومين في مؤسسة كهرباء لبنان وغيرهم. وهم يطالبون بإقرار مشروع قانون مساواة الطوائف حيال الضرائب في أسرع وقت ممكن، ويأملون أن تأتي تشريعات المجلس النيابي في هذه القضايا عادلة ومنصفة.

الاسراع بانتخاب رئيس
7 - إن دخول لبنان المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وعلى مسافة ست سنوات من الاحتفال بمرور مئة عام على قيام دولة لبنان الكبير، يحتم على الجميع التعامل مع هذا الاستحقاق بما يمليه الدستور والميثاق الوطني، والتمسك بالممارسة الديمقراطية السليمة وتداول السلطة. وعليه، يناشد الآباء القوى السياسية، وفي مقدمها نواب الأمة، الإسراع في القيام بهذا الواجب الوطني ضمن المهلة الدستورية، واختيار رئيس للبلاد قادر وفاعل، يكون، بفضل شخصيته ومعرفته وخبرته وتجرده، على مستوى التحديات الداخلية والإقليمية والدولية، لكي ينهض بلبنان ويبني وحدته ويحمي سيادته ومؤسساته.
8 - إن زمن الفصح هو زمن غلبة الحياة على الموت، وزمن انتصار نور الحقيقة على ظلام التاريخ البشري. وقيامة الرب يسوع تحمل رجاء كبيرا بأن الكلمة الأخيرة هي لله، كلمة تكسر قيود الحقد والضغينة والإجرام، وتفتح مستقبلا هو مستقبل الغفران والأخوة والتضامن بين البشر. فأمام القبر الفارغ تنكشف عظمة الحب الإلهي، وعظمة الإنسان التي أشهرها المسيح على الصليب. في هذه المناسبة يدعو الآباء أبناءهم إلى عيش الأسابيع الأخيرة من زمن الصوم بالصلاة والتقشف والتوبة، إستعدادا للإحتفال بعيد القيامة، عيد الفرح والمسامحة والسلام.
    قرأ هذا المقال   1874 مرة
غلاف هذا العدد