إختر عدداً من الأرشيف  
الغلاف

هكذا عاد الحريري... هكذا انتصر الاعتدال
3 سنوات و3 أشهر عوَّضها الحريري في 3 أيام و3 ساعات
من يصدِّق أن رجلاً واحداً قادر على تزويد لبنان بهذه الجرعة من الأمل والثقة بالمستقبل، أكثر من الرئيس سعد رفيق الحريري.
ومن يصدِّق أنه بمجرد عودته إلى لبنان وبيروت وبيت الوسط تَكفَّلَ بإحداث صدمة إيجابية في وجه الخطر الذي يعصف بلبنان، والذي بدأ بعد معركة عرسال ينذر بالشرّ الوطني المستطير.
ومن يصدِّق أن زعيماً سياسياً شاباً قادر على إعادة الروح إلى الحياة السياسية التي بقيت عرجاء طوال مدة غيابه عن لبنان، وأنه لمجرد العودة أعاد هذه الحياة إلى إيقاعها. فالخصوم يحتاجون إليها أكثر من الحلفاء.
فالرئيس سعد الحريري أكبر من سياسي، ودوره أعمق من دور زعيم، وأوسع من دور رجل دولة. إنه كل هذه الميزات في آن واحد. ولذلك، يصعب على أي كان إختزال الحياة السياسية في لبنان من دون الحريري. وقد جرَّب المجرِّبون فترة إبتعاده عن لبنان، وإختبروا النتائج المريرة، وإكتشفوا أن الحريري هو الأفضل حتى لخصومه.
في إختصار، من يصدّق أن غياب 3 سنوات و3 أشهر عوَّضها الحريري في 3 أيام و3 ساعات!
بيت الوسط عاد إليه أهله، ففتح أبوابه لهم وللمحبين الذين إشتاقوا إلى هذا البيت الوطني الأصيل، الراسخ على أسس الحكمة والإعتدال والإنفتاح والتضحية في سبيل لبنان. وتبيّن أن روح الوسطية الحقيقية هي الملاذ الأخير بعد فشل المغامرات الأخرى.
وأثبتت التحوُّلات أن التطرف والتشدُّد والمغالاة التي نمت في شكل خطر في كل البيئات اللبنانية، بعد تعطيل اللعبة السياسية الطبيعية، في إطارها الوطني، وصلت إلى مراحل مدمرة، ما يستدعي التضحيات في التصدي لها. فالتطرف يستجلب التطرف.

وتبيّن أن لبنان التاريخي، الذي هو وليد تسوية تاريخية بين قادة معتدلين ومنفتحين وحكماء، لا يمكن أن يستمر ما لم يستلهم دائماً، وفي أي لحظة، مسيرة الآباء المؤسسين للكيان وإنفتاحهم وإعتدالهم وحكمتهم. والرئيس سعد الحريري، الحامل على منكبيه إرث والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مؤتمن على هذا النهج الإنقاذي.
قبل عودة الحريري بلحظات، كان الحدث هو عرسال، وكان المؤشر اللبناني يميل إلى القلق وتسوده الهواجس. وبعد عودته بلحظات، إنقلب المؤشر جذرياً، لأن العودة حملت في طياتها معانيَ عميقة الدلالات لجميع المعنيين في لبنان والخارج.
عاد الحريري متحدياً المخاطر التي لطالما إعترضت عودته، والتي لا تزال قائمة ربما. وليس هناك فعل إيمان بلبنان وبضرورة بذل التضحيات في سبيل إنقاذه أكبر من ذلك. وعندما سئل الحريري، فور عودته، عما إذا كان يضمن أمنه الشخصي، أجاب: الحامي الله. وهذه العبارة تؤشر إلى إيمان كبير بالله لدى الرجل، يليه إيمانه بالوطن.
الواضح أن عودة الرئيس سعد الحريري الطويلة كما وصفها، ستتركز على دعم الإعتدال والإنفتاح والحوار. وقد تنتج عنها مخارج للأزمات المتشابكة دستورياً وسياسياً وأمنياً وإقتصادياً، والتي حوّلت البلد في الأشهر الأخيرة إلى ما يشبه القنبلة الموقوتة.

الصورة الوردية
ويسأل كثيرون: هل يعني ذلك أن لبنان يسير في إتجاه سلة من التسويات والتفاهمات يتخللها إنجاز الإصطفافات الدستورية، بدءاً بإنتخاب رئيس للجمهورية، ثم تأليف حكومة جديدة، فإجراء إنتخابات نيابية قبل الخريف المقبل؟
هذه الصورة الوردية يتوقعها البعض ويتصوّر سيناريوهات تبدأ بالتوافق على رئيس للجمهورية هو واحد من ثلاثة أو أربعة مرشحين باتت أسماؤهم الأكثر تداولاً. يلي ذلك، تأليف حكومة وفاقية يرئسها الرئيس سعد الحريري تتولّى إنجاز قانون للإنتخاب، ثم تجرى الإنتخابات النيابية قبل إنتهاء الولاية الممددة للمجلس الحالي في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2014.
لكن هذا السيناريو المتفائل لا يبدو وشيكاً. فالتعقيدات الدستورية كثيرة. والوقت الفاصل عن تشرين الثاني/نوفمبر لا يكفي لإنجاز الخطوات كلها. وقد سارع وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى التأكيد، بعد زيارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أن الظروف الأمنية لا تسمح بإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها.
ومعلوم أن الخلافات الحادّة على إقرار قانون جديد للإنتخابات هي التي أدت في العام الفائت إلى إعتماد خيار التمديد. وهذه الخلافات ما زالت قائمة، ما يعني أن الظروف السياسية، تضاف أيضاً إلى الظروف الأمنية، لترجّح إعتماد التمديد الثاني الذي سيتم الإتفاق على مدته وكيفية إخراجه. ولن تكون هناك مشكلة دستورية في هذا الشأن، لأن المجلس الدستوري لم يجد المبررات القانونية ليُبطل التمديد للمجلس الحالي، على رغم أن الوضع الأمني كان أفضل، وقد جاء العامل الأمني ليدعم خيار التمديد.
أما بالنسبة إلى ملء الفراغ الحاصل في موقع الرئاسة الأولى، فثمة إعتقاد بوجود حراك حقيقي نحو هذا الهدف، إزدادت وتيرته مع عودة الرئيس الحريري ومشاوراته المكثفة مع مختلف المعنيين. لكن الأجواء لم تؤشر حتى اليوم إلى نضوج كافٍ للظروف، بما يسمح بإنتخاب رئيس جديد. لكن المؤكد هو أن الحريري يضع نصب عينيه أولوية إنتخاب رئيس للجمهورية قبل أي هدف آخر.
فاللحظة التي عاد فيها الحريري إلى لبنان هي تلك التي كان يغرق فيها البلد بمواجهة مع الإرهاب في عرسال. وهو سارع إلى حمل بشرى الدعم الذي قدّمه خادم الحرمين الشريفين، الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز، إلى الجيش اللبناني، بقيمة مليار دولار من أصل 3 مليارات وَعَد بها. وهذه المهمة تعبّر عن الدعم السعودي المطلق للجيش في مواجهة الإرهاب، وعن دعم تيار المستقبل، التيار السنّي الأوسع بإمتياز، لخيار المؤسسات الشرعية كضامن وحيد للجميع.
وتسلّم الرئيس سعد الحريري لائحة بحاجات الجيش والأجهزة الأمنية، في خطوة تؤشّر إلى تسريع الآليات القانونية المتصلة بالهبة من أجل تسييلها، لوضعها في أقرب وقت بتصرّفهم، لتعزيز منعة لبنان في مواجهة الإرهاب.
لقد شارك الرئيس سعد الحريري في إجتماعات السراي، في حضور المعنيين، بدور يفوق كثيراً صفته كرئيس سابق للحكومة: لقد بدا الحريري، العائد من غياب 3 سنوات، وكأنه لم يغادر لبنان، بل لم يغادر السراي!
إنها معجزة الحريرية التي أرساها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكرّسها الرئيس سعد الحريري. فالحريرية باتت لولب الحياة السياسية في لبنان، بل لولب لبنان وضمان إستمراره. فما دامت الحياة مكتوبة للبنان، هناك أيضاً حاجة إلى الحكمة والإعتدال والإنفتاح، وتالياً، هناك حاجة إلى الحريرية والرئيس سعد الحريري.
يقول العارفون: حتى اللحظات الأخيرة قبل العودة، في الساعات الأولى من فجر يوم الجمعة 8 آب/اغسطس، لم يكن أحد يعرف بقرار الحريري. ويقال إن الطاقم الذي قاد طائرته لم يتبلغ القرار إلا في اللحظات الأخيرة. فالرجل كان حريصاً على إبقاء خطوته في منأى عن الجميع، لضمان حصولها في شكل سليم. وربما لم يكن يعرف بالقرار في بيروت سوى القلائل على المستوى العائلي أو السياسي. فلا مؤشرات ممهدة لهذه الخطوة إطلاقاً، ولم تكن في حسبان أي كان في الوسطين السياسي والإعلامي.
وحتى رئيس الحكومة تمّام سلام أُبلِغ قبل ساعات قليلة بوجوده ورغبته في زيارة السراي، فطلبت دوائرُها مهلةً لجمع الفرقة الموسيقية وفرش السجّاد الأحمر وإلغاء بعض المواعيد المقررة. ولذلك، كانت صدمة الصحافيين والإعلاميين كبيرة عندما فوجئوا بأن الضيف المميز الذي وُعِدوا بوصوله منذ الصباح الباكر إلى السراي هو الرئيس سعد الحريري نفسه، الذي إستقبله أهل السراي بحرارة غير إعتيادية، متجاوزين شكليات البروتوكول.
فور وصوله إلى بيروت، توجّه الحريري إلى بيت الوسط. وقد فوجئ الجميع هناك، باكراً، بتدابير أمنية إستثنائية وحواجز لقوى الأمن عمدت إلى تفتيش السيارات والتدقيق في أسماء ركابها. وتدفّق المحبون إلى دارة الشيخ سعد، وفي عيونهم دموع الشوق والفرح باللقاء بعد غياب طويل، فيما لم يتوقف سيل الإتصالات الهاتفية للتهنئة والدعاء: حماك الله يا شيخ سعد!
ودارت مواكب سيارة في شوارع بيروت، رافعة أعلام تيار المستقبل وصوَر الحريري، وسط الهتافات والاناشيد. فالحريري يمثّل القواعد البيروتية والسنّية واللبنانية عموماً، وعودته تشكل إنفراجاً كبيراً على مختلف المستويات. وارتفعت معنويات الأنصار في تيار المستقبل مجدداً، حيث ستبدأ حركة سياسية في الايام المقبلة لإعادة التنظيم والكودرة. كما سيؤدي وجود الحريري إلى تنسيق أعمق على مستوى 14 آذار.
وثمة من يعتقد أن عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان، تعني أن انقلاب العام 2011 الذي أدى إلى إسقاط حكومته بضغوط أمنية وسياسية قد إنتهت مفاعيله. وتبين للجميع، وللخصوم قبل الحلفاء، أن وجود الحريري في لبنان لا بديل منه لمواجهة الإرهاب الذي يهدد البلد.

التسوية الأكثر تداولاً
مع عودة الحريري، تسارعت السيناريوهات والتحليلات. وتوقع بعضها أن تكون العودة جزءاً من طبخة تسويات متكاملة. فالبعض يعتقد أن الحريري لا يعود ما لم يكن هناك غطاء إقليمي- دولي، إضافة إلى الإرادات الداخلية، يمهِّد للتسوية المتكاملة.
ومن السيناريوهات الأكثر تداولاً هذا التصوّر المبني على تحليلات أكثر من الوقائع: لقد عاد الرئيس سعد الحريري الى لبنان في إطار ترتيب يتعلق باستحقاق رئاسة الجمهورية. ففي ضوء الدعم الذي تلقاه الجيش في معارك عرسال، والمساعدة التي يحملها الحريري بمليار دولار إلى الجيش من المملكة العربية السعودية، فإن التحليل الأسرع يقول بإحتمال الإتفاق على أن ينتخب قائد الجيش العماد جان قهوجي رئيساً للجمهورية، وأن يكون الرئيس الحريري رئاساً للحكومة العتيدة، ويتم تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش. وفي ذلك، يتم تعويض العماد ميشال عون طموحه إلى بلوغ بعبدا، بإيصال صهره العميد روكز إلى قيادة الجيش. وذهب البعض إلى حد التداول بأسماء مرشحة لدخول الحكومة المقبلة، ولوحظ أن البعض من المستوزرين باشر حراكه في شكل حثيث.
ونقل زوار الحريري عنه إستعداده لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، شرط ان يبادل الطرف الاخر الى ملاقاته. لكنه يبقى على موقفه لجهة إنتظار أن يطرح المسيحيون إسماً يرون أنه الأفضل. وقال للزوار إنه كان يفضل، بعد عودته، ان يزور قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية، لكن الفراغ قد وقع. وهو في أي حال لن يدخل في بازار الاسماء مع الاشخاص الذين يلتقيهم في لبنان في انتظار الاتفاق على المرحلة المقبلة ومواصفات الرئيس المقبل، ويقول ان الرئيس القوي هو القادر على اعادة جمع اللبنانيين.

الظروف لم تنضج
لكن مرجعاً سياسياً يستبعد هذا السيناريو المتداول، ويقول إن ظروف الانتخاب لم تنضج بعد، وان ظروف المنطقة المحيطة لا توحي بقرب اجراء الاستحقاق، فكل لاعب اقليمي يحاول ان يتدخل لفرض واقع يلائمه، وبالتالي فان العرقلة هي الورقة الوحيدة المتاحة للجميع اكثر من القدرة على فرض رئيس. فعملية الانتخاب لها شقان: داخلي وخارجي، وكلاهما غير ميسَّر حالياً. في الداخل لم يقتنع العماد ميشال عون بانعدام فرصته الرئاسية وهي الاخيرة، والى أن يقتنع شخصياً ويعمل على تزكية مرشح آخر، يستمر التعطيل قائماً. وربما يكون بعض القوى غير مستعجل ويفضل الافادة من الشغور القائم لضرورات إقليمية، وتالياً قد لا يسعى حالياً الى مطالبة حليفه عون بالانسحاب، خصوصاً أن أي طرف خارجي لم يتوسط لديه للقيام بهذا الدور. واما في الشق الخارجي، فيبدو أن الواقع الإقليمي يتجه نحو مزيد من التعقيد وإلى التصارع في لبنان.
وعليه، إن عودة الحريري ليست جزءاً من صفقة، ولكنها يمكن أن تدفع حركة الاتصالات، خصوصاً اذا ما تحرك وسطاء بينه وبين حزب الله، ما قد يساهم في تحضير الارضية لملاقاة حركة خارجية منتظرة، لكن أي بوادر لتسوية حقيقية لم تظهر حتى الآن.

علاج بالصدمات الإيجابية
وأياً يكن المنتظر من عودة الحريري إلى لبنان، فإن هناك صدمة إيجابية حققت أهدافاً مهمة، إضافة إلى سلسلة أهداف منتظرة تباعاً. ويبدو أن الواقع اللبناني بات يحتاج إلى علاج بالصدمات الإيجابية.
فقد إضطلع الحريري بدور أساسي في التصدي لمأزق عرسال، إذ أعلن في شكل واضح وقوي دعم الجيش اللبناني في مواجهة الإرهاب، ثم جاء تبنيه للإعلان عن الهبة السعودية للجيش إستكمالاً لهذا الدور. وتكرس عودة الحريري إتجاه الواقع الشعبي السني في لبنان نحو خيار الإعتدال لا التطرف. كما تشكل غطاء لمسار الاستقرار والسلم الاهلي.

الله هو الحامي
وتردد أن عودة الحريري لم تكن واردة في هذا الشكل المفاجئ والسريع قبل مواجهات عرسال. لكن الموقف تبدل بعدها، وعمدت مراجع أمنية محلية ودولية الى تشجيع الحريري على العودة إلى لبنان، فيما الحدّ الأدنى المطلوب من الحماية متوافرٌ للسياسيين في هذه المرحلة، بما يمكنه خلال وجوده في لبنان من مواكبة المرحلة وضبط إيقاع العمل داخل تيار المستقبل و14 آذار والطائفة السنية.
ووفقاً لأوساط المستقبل، فالرئيس سعد الحريري لا يحتاج إلى ضمانات أمنية من أحد للعودة الى بلده وعاصمته ودارته وأهله وأحبابه. وفي اليوم الأول للعودة، سئل الحريري عن وجود ضمانات لأمنه الشخصي فقال: الله هو الحامي. وهذا التعبير في محلّه لمؤمن بربه وبوطنه.
الحريري بدينامية الشباب...
عوَّض غياب السنوات!
ما أن وطأت قدما الرئيس سعد الحريري أرض وطنه، بعد غياب، حتى تحرَّك في سرعة إستثنائية على مختلف المستويات، وفي إتجاهات مختلفة، من السراي الحكومي إلى أهل البيت في تيار المستقبل إلى الحلفاء في 14 آذار فالأبعدين. وبدا الزعيم الشاب وكأنه يعوّض في أيام قليلة غياب سنوات.
لم يشأ الحريري أن يبدأ مسار العودة إلا بزيارة ضريح والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في وسط بيروت. فقرأ الفاتحة عن روحه. ثمّ توجَّه إلى السراي الحكومي، حيث التقى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وأبلغه قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز تقديمَ مليار دولار إلى لبنان مخصّصة لتلبية الحاجات المُلحّة للجيش والقوى والأجهزة الأمنية.
وبحث الرئيسان، السابق والحالي، في آليّة صرف هذه الهبة، التي وضعها خادم الحرمين الشريفين في عهدة الحريري، واتّفقا على استكمال البحث في الإجراءات التنفيذية ضمن الأطر القانونية اللازمة.
وإكتفى الحريري بالقول في دردشة مع الصحافيين: عودتي إلى لبنان جاءت بعد الهبة السعودية للجيش، والتي سنعالج سُبل تنفيذها. وعن الضمانات لأمنِه الشخصي، قال: إن شاء الله خير، والله يحفظ الجميع، رافضاً الإجابة عن المدّة التي ستستغرقها زيارته الى لبنان.
ثمّ عاد الحريري الى بيت الوسط، حيث التقى الرئيس فؤاد السنيورة ووزير الداخلية نهاد المشنوق. وكان لافتاً أن سفير الولايات المتحدة الأميركية ديفيد هيل كان أول الزائرين، في حضور السيّد نادر الحريري. وعلى الأثر، تدفقت شخصيات زائرة، بينها السفير السعودي علي عواض عسيري.

الحريري لولب السراي
وحضر الحريري مجدّداً إلى السراي ليشارك في اجتماع أمنيّ ترأسَه سلام، خُصِّص للبحث في الاحتياجات المُلحة للجيش والقوى والأجهزة الأمنية والتي ستؤمّن بفضل الهبة السعودية. وقد حضرَ الاجتماع وزير الدفاع سمير مقبل، الوزير المشنوق، قائد الجيش العماد جان قهوجي، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والمدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة.
ورحّب سلام بعودة الحريري، ووصفها بأنّها خطوة كبيرة تنمّ عن حسٍّ وطني عالٍ في هذه الظروف الدقيقة، آملاً أن تخلق هذه البادرة أجواءً إيجابيّة مؤاتية للتقارب بين اللبنانيين، بما يُحصِّن البلاد سياسياً وأمنياً إزاء الأوضاع التي تعيشها المنطقة. وشكرَ لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز الهبة الجديدة التي قدّمها للبنان، معتبراً أنّها تُعبّر خيرَ تعبير عن حرص الملك عبدالله والمملكة العربية السعودية على لبنان وتعزيز أمنِه واستقراره وكلّ ما من شأنه تقوية مؤسّساته الشرعية.
ثم تحدّث الحريري فعرَض طبيعة الهبة السعودية، موضحاً أنّه مؤتمَن على إنفاقها في الوجهة المخصّصة لها، وتقديمها كهبة عينية الى الجيش والقوى الأمنية، بمتابعة الرئيس سلام ومجلس الوزراء ووفق الأصول القانونية.
ثمّ ناقشَ المجتمعون المستلزمات التي تحتاجها القوى المسلحة اللبنانية من جيش وقوى أمنية، بشكل مُلِحّ وطريقة تلبيتها سريعاً. وطلب سلام من القادة الأمنيين المشاركين في الاجتماع، المسارعة إلى إعداد كشوف بحاجاتهم، بإشراف الوزراء المختصين.

إجتماع المستقبل
وعصراً، ترأسَ الحريري اجتماعاً موسّعاً ضمّ أعضاء كتلة المستقبل والمكتب السياسي والمجلس التنفيذي. وبعد الوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح شهداء 14 آذار والجيش اللبناني والقوى الأمنية وأهالي عرسال وجميع الأبرياء، توجّه الحريري الى الحاضرين بالقول إنّ الهبة السخية التي قدّمها الملك عبدالله بن عبد العزيز الى لبنان، وكلفني الإشراف عليها فتحَت طريق العودة إلى بلدي الحبيب، وأعطت الأملَ لجميع اللبنانيين بأنّ بلدَهم ليس متروكاً من أشقّائه، وهو محطّ أنظارهم وقرارهم بحمايته من كلّ تهديد.
وأكّد الحريري أنّ الوظيفة الأساسية لهذه الهبة، هي دعم الجيش والقوى الأمنية والدولة، والمساهمة في استقرار لبنان ومواجهة كلّ محاولات تخريب العيش المشترك بين اللبنانيين، لافتاً إلى أنّ كثيرين قالوا إنّ عودتي لها علاقة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، مع أنّني كنت أتمنّى زيارة القصر الجمهوري أوّلاً للاجتماع برئيس الجمهورية أو النزول إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد. وأكّد أنّ انتخاب رئيس جديد هو مسؤولية الجميع، وليس صحيحاً أنّ هذه المسؤولية يتحمّلها سعد الحريري منفرداً، داعياً إلى توافق واسع على انتخاب الرئيس، والانتقال إلى التضامن الوطني لمواجهة التحدّيات الماثلة.
ولفتَ الحريري إلى أنّ دور تيار المستقبل هو حماية الاعتدال ومنع التطرّف من التمدّد والانتشار، وسنركّز على منع كل محاولة لإشعال الفتنة، وخصوصاً أنّ تأجيج التعصّب لا يؤدّي إلى أيّ نتيجة، وعلى دعم الجيش والمؤسسات الشرعية، مشدّداً على أنّ خيارنا هو دعم الدولة ومساعدة الجيش والقوى الأمنية، في معزل عن بعض الأخطاء التي ارتُكبت من هنا أو من هناك. فإذا كان حزب الله يرتكب أخطاءً بحقّ لبنان، فهذا لا يعني أن نردّ عليه بأخطاء مماثلة، أو أن نلجأ إلى كسر شوكة الدولة وهيبتها.
واعتبر الحريري أنّ تدخّل حزب الله في سوريا جلب للبنان الأذى. وأكبر الأذى وقع على الطائفة الشيعية، من خلال موجة التفجيرات التي ضربَت الضاحية والجنوب والبقاع، وكانت بمثابة ردّة فعل على تدخّل الحزب في سوريا. كذلك فإنّ الحزب ألحقَ الأذى الشديد في العلاقات بين المسلمين من خلال تدخّله في سوريا، وعرَّض الجيش والقوى الامنية لاعتداءات من المجموعات الإرهابية. وقد رأينا كيف يدفع الجيش ضريبةً غالية من دماء شبابه بسبب إصرار الحزب على فرض أمر واقع، لم يوافق عليه أحد من اللبنانيين. وأضاف: على هذا الأساس بدأت اجتماعات مع رئيس الحكومة تمام سلام والقيادات الأمنية والعسكرية، لنضعَ الأمور على سكّة التنفيذ، لأنّ خطر الإرهاب جدّي ومصيري، وأيّ تهاون في مواجهة هذا الخطر يعني فتح الباب أمام الفتنة وأمام نهاية لبنان. فما يحصل في العراق أخطر من خطير، وتهجير المسيحيين العراقيين رسالة لنا في لبنان وتهديدٌ مباشر لصيغة العيش المشترك في بلدنا.

إجتماع 14 آذار
ثم عَقدت قوى 14 آذار اجتماعاً موسّعاً مسائياً في بيت الوسط لمناسبة عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت حضره الرؤساء أمين الجميل وفؤاد السنيورة وسعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع وعدد من الوزراء والنواب ومكونات 14 آذار.
وصدر عن الاجتماع بيان اعتبر أن عودة الرئيس الحريري هي شهادة إضافية على التزام هذا البيت وحدة لبنان واستقلال كيانه، وهذه العودة تمثل لدى كل اللبنانيين المخلصين فسحة أمل في مستقبل لنا ولأولادنا. وأعلن أن قوى 14 آذار تؤكد تمسكها الكامل بالدولة، وبكل مؤسساتها السياسية والعسكرية والأمنية، وتعتبر أنها الضمانة الوحيدة لأمن اللبنانيين واستقرارهم وعيشهم المشترك الإسلامي - المسيحي، وتكرر تعهدها أمام اللبنانيين أن مشروعها الوحيد يبقى العبور إلى الدولة واستكمال بنائها وفقا لتراتبيتها الدستورية وبدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.
وشكر البيان الملك عبدالله بن عبد العزيز على التفاتته الكريمة دعما الجيش اللبناني والقوى الأمنية في معركتهم الشرسة ضد الإرهاب، والذي أوكل دولة الرئيس سعد الحريري تنفيذ هذه المساعدة مع الحكومة اللبنانية. وأعلن التزام قوى 14 آذار مواصلة نضالها من أجل استقلال لبنان وسيادة دولته المحررة من كل أنواع وصايات السلاح غير الشرعي، ومطالبتها بضبط الحدود اللبنانية - السورية من خلال نشر الجيش، مدعوما بقوات الأمم المتحدة، كما يتيح القرار 1701، معتبرة أن ضبط الحدود لا يكتمل إلا بانسحاب حزب الله الفوري من القتال الدائر في سوريا.

السفير الأميركي لليوم الثاني
وفي يومه الثاني في بيروت، واصل الرئيس سعد الحريري حراكه الإستثنائي لتفعيل آلية تسليح المؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية بموجب الهبة المقدّمة من خادم الحرمين الشريفين بقيمة مليار دولار. ولهذه الغاية عقد الحريري سلسلة اجتماعات ومشاورات رسمية ودبلوماسية وعسكرية في بيت الوسط هدفت إلى تأطير الجهود المبذولة توصّلاً إلى وضع الهبة السعودية موضع التنفيذ العملي والفوري.
الاجتماع الأول كان مع سفراء وممثلي مجموعة الدعم الدولي للبنان في حضور مدير مكتبه نادر الحريري. وتالياً إن السفير الأميركي هيل زار بيت الوسط ليومين متتاليين. وشرح الحريري مضامين مساعدة خادم الحرمين للبنان والاتصالات والجهود المبذولة لتلبية حاجات الجيش والقوى الأمنية بغية تمكينها من القيام بالمهام الملقاة على عاتقها لمكافحة الإرهاب وترسيخ الأمن والاستقرار في البلد. كما جرى البحث في المساعدات التي يمكن أن تقدمها دول المجموعة في الإطار عينه، فضلاً عن التطرق إلى مساعدة لبنان لتحمل الحاجات المتزايدة للنازحين السوريين وضرورة مساعدة القرى والبلدات التي تأويهم.
وشملت لقاءات الحريري الدبلوماسية كلاّ من السفير التركي إنان أوزيلديز الذي أعرب عن اعتقاده أنّ عودة الحريري ستلعب دوراً إيجابياً في تمتين الحوار والاستقرار ودعم القوى العسكرية والأمنية، والسفير المصري أشرف حمدي الذي أبدى للحريري استعداد بلاده لتوفير كل مساعدة ممكنة للجيش والقوى الأمنية، ومساندة لبنان من أجل تحقيق استقراره.
ومساء السبت الماضي، استأنف الحريري ورشة لقاءاته في بيت الوسط، فاستقبل رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وتناول معه استكمال البحث في سبل تنفيذ الهبة السعودية. ولاحقاً، استقبل الحريري قائد الجيش العماد جان قهوجي للغاية عينها. وتلقى إتصالات من النائبين ميشال عون ووليد جنبلاط.

إنتخاب دريان مفتياً
وظهر الأحد، أقام الرئيس سعد الحريري مأدبة غداء تكريمية في بيت الوسط، لمناسبة انتخاب الشيخ عبد اللطيف دريان مفتياً للجمهورية، حضرها الرؤساء سلام والسنيورة ونجيب ميقاتي، المفتي الشيخ محمد رشيد قباني، المفتي المنتخب، السفير السعودي العسيري، السفير الفلسطيني اشرف دبور، السفير العراقي رعد الالوسي، السفير الكويتي عبد العال القناعي، السفير المصري حمدي، السفير القطري سعد بن علي هلال المهندي، سفير الجزائر ابراهيم حاصي، وشخصيات سياسية ودينية. ووصل قباني ودريان الى بيت الوسط في سيارة واحدة، حيث استقبلهما الحريري عند المدخل الرئيسي.
وألقى الرئيس الحريري كلمة جاء فيها: هذا يوم مبارك، نجتمع فيه على وحدة كلمة المسلمين في لبنان، وعلى رفع راية دار الفتوى، والتضامن من حولها، لتبقى أمينة، بإذن الله، على قول الحق، وإقامة العدل، وتعميم الخير، ترسيخ القيم التي قررها القرآن الكريم، ودعانا إليها الرسول الحبيب، صلى الله عليه وسلم، في أمتنا وجماعتنا.
إن روح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، معنا في هذا اليوم، تبارك الجهد النبيل الذي قمتم به، وتوصلتم من خلاله إلى اختيار الشيخ عبد اللطيف دريان ليتولى قيادة دار الفتوى، في مرحلة من أصعب المراحل في تاريخ لبنان، كما أنها مرحلة صعبة في العلاقات بين المسلمين.
الآمال معقودة عليكم، يا صاحب السماحة، في حماية الوحدة الإسلامية، والتأكيد على خطاب الاعتدال، وفي المحافظة على مكانة دار الفتوى، ودورها التاريخي، كركن أساسي من أركان الوحدة الوطنية اللبنانية، والعيش المشترك بين المسلمين المسيحيين.
التحديات التي تواجه لبنان والأمة، كثيرة وخطيرة، والله سبحانه وتعالى لن يغفر للمفسدين في الأرض، الذين يريدون أن يتخذوا من ديننا وشريعتنا ورسالة نبينا، صلى الله عليه وسلم، وسيلة للإرهاب والتسلط واستدعاء الانقسام والفتنة. المسؤولية الملقاة على دار الفتوى، وعلى كل العلماء المسلمين في هذه المرحلة من حياة الأمة هي مسؤولية كبرى، لا تحتمِل التردد، أو التخلف عن مواجهة التطرف، وإنقاذ رسالة الإسلام والمسلمين من السقوط في هاوية الإرهاب.
ونحن، من مواقعنا السياسية، نتحمل المسؤولية أيضا، ولن نرضى لقلة من المتطرفين، أن تأخذ الإسلام والمسلمين إلى مواجهة مع باقي الشركاء في الوطن والأمة. إن تلك الحفنة التي تقوم باقتلاع المسيحيين في العراق، من أرضهم وتاريخهم، هي فئة ضالة معادية للإسلام، وخارجة على رسالة النبي العربي، صلى الله عليه وسلم.
من هنا، طالبنا بموقف عربي واسلامي واضح، يحمي الحياة المشتركة، بين المجموعات الدينية في المنطقة، وفي لبنان تحديدا، الذي توافقنا على العيش المشترك بين أبنائه، وسنحمي هذا العيش، بكل ما نملك، بإذن الله.
لقد كان للهبة النبيلة التي تقدم بها، خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبد العزيز، الوقع الطيب لدى جميع اللبنانيين، الذين عبروا عن شكرهم للمملكة وقيادتها وشعبها، ووجدوا في هبة خادم الحرمين، عملاً أخوياً صادقاً، لا وظيفة سياسية له، سوى دعم الدولة اللبنانية ومؤسساتها العسكرية والأمنية. وإن المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين كانت وستبقى النصير الصادق للبنان في مواجهة كل المحن والفتن.

الحريري في عين التينة
وزار الرئيس الحريري رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة لمناقشة المسائل الساخنة. وقال بري أمام زوّاره: أنا لا أقبل التمديد للمجلس النيابي. وهذا المجلس الممدّد له أساساً لا يستأهل التمديد، فهو لا يجتمع ولا يشرّع ولا يقوم بأيّ عمل.

وفد عرسال
ويوم الإثنين الماضي، استهل الرئيس الحريري أسبوعه بلقاء موسع في بيت الوسط مع وفد من فعاليات وأهالي ومخاتير بلدة عرسال برئاسة رئيس البلدية علي الحجيري وحضور النواب عاصم عراجي وجمال الجراح وزياد القادري وأمين وهبي والأمين العام لتيار المستقبل احمد الحريري.
وقال الحريري: إن ما حصل في عرسال نبّه الناس إلى مأساة البلدة المزمنة، عرسال البلدة التي رفدت الجيش والوطن بخيرة الرجال والابطال، كم هي مظلومة البلدة، التي واجهت محنة كبيرة وخرجت منها. ونحن نعرف كم قدمت عرسال لأيواء واغاثة اللاجئين السوريين، وكيف فتح ابناؤها منازلهم لمساعدتهم خلال السنوات الماضية.
وأضاف: إن ما تعرضت له بلدتكم من خسائر بالأرواح والممتلكات كبير جداً، ولكن نحمد الله ان المخطط المرسوم لضرب عرسال انكشف، وعلينا ان نحمي البلدة بكل ما أوتينا من إمكانات ونثبت الأهالي في أرضهم ونمنع اياً كان من الإضرار بهم مستقبلاً. وأود ان ابلغكم في هذا اللقاء بأني سأتبرع لعرسال بمبلغ 15 مليون دولار تخصص لبناء المدارس والمستشفى وما تحتاجه البلدة من مشاريع ضرورية وهو ما ستقرره اللجنة التي ستؤلف خصيصاً لأجل ذلك.
واكد الحريري: أننا سنكون حريصين على ان لا يتكرر ما حصل لعرسال في المستقبل وسنبذل كل ما في وسعنا من أجل ذلك. كما أعدكم بأنني سأقوم بكل الجهود الممكنة لايفاء البلدة حقها الطبيعي من مشاريع حيوية وخدماتية من خلال الدولة، ونخصص لها الموازنات المطلوبة، وكذلك لاعادة بناء المنازل المتضررة وتحسين أحوال الاهالي قدر المستطاع، لأن هذا واجبي كإبن رفيق الحريري.
واردف: نحن لن ننسى وقفة أبناء عرسال الأوفياء معنا يوم استشهاد الرئيس الحريري أو مشاركتهم الواسعة في يوم 14 آذار، وأؤكد لكم اننا نبادل الوفاء بالوفاء ووقوفنا مع عرسال سيستمر. فكلنا يعرف لماذا استهدفت عرسال، لأنها وفيه لمسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وانتم أهل عرسال بوقفتكم القوية وجهودكم استطعتم فضح المخطط الخبيث وإجهاضه. نحن نعرف أنكم جميعا مع الدولة، مع الجيش، مع المؤسسات، وكل مواطن منكم يتمنى ان تقوى الدولة لتحمي جميع أبنائها، وأن لا تكون هناك أطراف خارج إطار الدولة. ولا شك في أن هناك أخطاء ارتكبت ونحن نقوم بمعالجتها أكان مع الجيش أو أي مؤسسة أخرى.
وختم الحريري قائلاً: نحن نرفض أن يحصل مع أي بلدة أو مدينة لبنانية ما حصل مع عرسال، وبحمد الله استطعنا أن نخرج من هذه الأحداث المأسوية بأقل خسائر ممكنة وبالطبع أسفنا الشديد على كل شهيد في هذه الأحداث أو جريح أصيب فيها.

مع جنبلاط
وإستقبل الحريري رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي رأى أن وجود الرئيس سعد الحريري معنا اليوم في لبنان عامل أساسي ورادع لحل مشاكل كبيرة، والتأكيد على خط بناه الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وأوضح جنبلاط أنه بعد امتحان عرسال قد تأتي امتحانات أخرى، لكن بوجود الحريري وتفعيل عمل الحكومة وانتخاب رئيس جديد نواجه الإستحقاقات الرئاسية والمعيشية والإقتصادية. وقال: إن العالم العربي كله مهدد لكن بجهود الحريري وغيره من الخيّرين يبقى هناك نوع من المظلة التي تحمي لبنان.
وإذ أكد على أننا نحرص على انتخاب رئيس للجمهورية، قال جنبلاط: مرشحنا هو النائب هنري حلو وهو مرشح ثابت ومبدئي كي لا يقول البعض إن هناك تسوية، مشدداً على أنه باللحظة التي نتخلى فيها عن حلو نفقد مصداقية خط الإعتدال والوسطية، مضيفاً: إن الفراغ يضرب كل مؤسسات الدولة ولا يجوز أن نذهب إلى حالة كالحالة العراقية.
ورداً على سؤال، قال: لتكن مشكلة أصوات، نحن لدينا 16 صوتاً، ونأمل أن يزيدوا، وأتمنى على بعض الفرقاء الذين لم يعطونا أصواتهم في المرة الماضية أن يصوتوا لهنري حلو هذه المرة، يكون الأمر أفضل، لأني أعتقد أن هذا هو الحل الأفضل، أمّا إذا أرادت المكونات الكبرى شخصاً آخر، فلتكن مسألة أصوات.

... والإقتصاديون
وإلتقى الرئيس سعد الحريري، في بيت الوسط، وفداً من الهيئات الاقتصادية برئاسة عدنان القصار، عرض معه للواقع الاقتصادي ومتطلبات النهوض بالاقتصاد الوطني. وقال رئيس إتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير، إن زيارة الهيئات للرئيس الحريري بروتوكولية وترحيبية بعودته التي لطالما انتظرناها. واوضح ان وفد الهيئات رحب بعودة الرئيس الحريري وابلغه أن وجوده ضروري لترسيخ الاستقرار السياسي والامني، كما انه ضروري للنهوض بالاقتصاد الوطني بعد أكثر من ثلاث سنوات من التراجع اوصلته الى حافة الانهيار. فوجود الحريري يعطي الثقة للقطاع الخاص اللبناني وللهيئات الاقتصادية، وعودته انعكست سريعاً ايجاباً على نفسية الناس، وعلى الاقتصاد الذي ظهر من خلال التحسن الكبير الذي حققته بورصة بيروت وكلنا أمل بعودة الاشقاء العرب لا سيما الخليجيين من سياح ومستثمرين. ونتمنى على كل القيادات السياسية ان تلاقي الرئيس الحريري في خطواته لان البلد بحاجة الى تعاون الجميع واعادة الثقة بالبلد لاطلاق دورة الحياة من جديد.


    قرأ هذا المقال   1351 مرة
غلاف هذا العدد