إختر عدداً من الأرشيف  
لبنان

الرئيس الحريري أخذ على عاتقه حلحلة عقدة آلية عمل مجلس الوزراء
لبنان كلُّه في بيت الوسط... والشيخ سعد عوّض في أسبوع غياب 4 سنوات
يبدو ان الرئيس سعد الحريري اخذ على عاتقه حلحلة عقدة آلية عمل مجلس الوزراء كنائب عن رئىس الجمهورية في اصدار المراسيم والقرارات... وعلمت الصياد ان حضور الرئيس الحريري الى لبنان جاء بمثابة هبة من الله بالنسبة للرئيس تمام سلام، الذي ارهقه الصراع العشائري داخل مجلس الوزراء. وفي اول مهمة، في اكمال ما بدأه سلام من عند الرئيس نبيه بري لجهة البحث عن آلية مناسبة لعمل مجلس الوزراء، التقى الرئيس سعد الحريري مع الرئيس العماد ميشال عون رئىس تكتل التغيير والاصلاح. واكتفى الاخير بوصف اللقاء وما اعقبه من عشاء على مائدة الحريري بانه كان جيداً. ولكن اوساطه كشفت ان الجنرال كان متجاوباً مع الرئيس الحريري في ما يخص تعديل آلية عمل مجلس الوزراء، على أمل ان تكون هناك فرصة لايجاد المخارج المطلوبة لذلك.

والرئيس الحريري، الذي يملك القدرة، يبذل جهوداً كبيرة لفكفكة الالغام السياسية المحلية، يواكب هذه الجهود دبلوماسياً، حيث استقبل السفراء العرب المعتمدين لدى لبنان، ورحب بهم، كما فعل مع كل الذين التقاهم، وتحدث الرئيس الحريري الى السفراء عن عدد من القضايا المحلية والاقليمية، بدءاً من الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل وصولا الى مواجهة الارهاب. وقد قال في كلمته: نلتقي بكم اليوم لنتحدث عن الوضع في لبنان والمنطقة، وكما تعلمون هناك استقرار أمني نسبي في لبنان اليوم، وقد بذلنا ما في وسعنا طوال السنوات الماضية لإرساء هذا الأمن ولإبعاد لبنان عن الحريق السوري، ولكن استمرار الحرب الدائرة في سوريا والتدخل في شؤون سوريا يعرضان لبنان لتحديات ومخاطر كثيرة، وهي تحديات تتفاقم مع تنامي ظاهرة الإرهاب التي تشكل تحديا للعرب والمسلمين والمجتمع الدولي.
وأضاف: لقد بدأنا حوارا مع حزب الله لتنفيس الاحتقان السني - الشيعي وللتخفيف من تداعيات مشاركة حزب الله بالحرب في سوريا، ونأمل أن يكون هذا الحوار منتجا لنتمكن من الخوض في مسألة الانتخابات الرئاسية، والتوافق على رئيس جديد بما يمكن لبنان من مواجهة التحديات ودعم عوامل الاستقرار والنهوض الاقتصادي والاجتماعي.

وعرض الرئيس الحريري لاقتراح الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب، وقال: إن أي استراتيجية لمكافحة الإرهاب لا تتم إلا من خلال الجيش اللبناني والقوى الأمنية والعسكرية الشرعية، التي تتولى مسؤولياتها بجدارة على كل الأراضي اللبنانية. ولكن المدخل الصحيح لوضع استراتيجية وطنية موضع التنفيذ الجدي يكون بانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن.

المساعدات السعودية
وأشاد الرئيس الحريري بما قدمته المملكة العربية السعودية للبنان من مساعدات وهبات سخية بلغت أربعة مليارات دولار لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية لمواجهة التحديات والإرهاب والحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان. وأشار إلى أن هناك دولا عربية ترعى الاعتدال على رأسها المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي ومصر، وعلينا أن نطور هذا النهج ونسعى بكل قوانا لتشجيع الأكثرية الصامتة للقيام بالدور المطلوب في مواجهة مظاهر التطرف أينما وجدت، وهذا بالطبع سينعكس إيجابا على كل الدول العربية من دون استثناء.
ودعا الرئيس الحريري إلى قيام استراتيجية عربية شاملة لمكافحة ظاهرة الإرهاب الذي ينتشر في العديد من الدول ويهدد العالم. وعرض للخطر الإسرائيلي وتهديدات اسرائيل المتواصلة للبنان وسيادته، داعيا إلى التضامن العربي في مواجهة هذه التهديدات، كما عرض لمخاطر التدخل الإيراني في الأوضاع الداخلية للبلدان العربية، لا سيما ما نشهده في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.
وختم الرئيس الحريري ردا على سؤال، بأن العمل الحكومي سيعاود نشاطه قريبا، في ضوء الاتصالات التي أجراها مع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام والقيادات المعنية.
في المقابل، عبر السفراء العرب عن شكرهم للرئيس الحريري على هذا اللقاء، وأشادوا بسياسة الاعتدال والانفتاح التي ينتهجها، وبحرصه على وحدة اللبنانيين وحماية لبنان واستقراره. وعبروا عن أملهم في أن تؤدي اللقاءات والحوارات والانفتاح الجاري الذي يقوم به على مختلف الصعد إلى خلق نوع من الارتياح السياسي والأمني في البلد وأن يتوج بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية بأسرع وقت ممكن.
لقد بقيت الحركة السياسية في لبنان ناقصة على مدى أربع سنوات خلت. فأحد أقطاب المعادلة الرئيسيين، الرئيس سعد الحريري، كان غائباً عن المسرح، وإن كان موجوداً بالموقف والوزن والقرار.
وهكذا أطلقَت عودة الرئيس سعد الحريري ديناميةً سياسية على مستويَين: عودة الحياة إلى بيت الوسط الذي يزدحم بالاستقبالات السياسية، وتحرُّك الحريري على أكثر من مستوى: الحكومة وتنظيم العمل فيها، الحوار الجاري مع حزب الله، واقع فريق 14 آذار والعمل التنظيمي داخل تيار المستقبل. وفي ضوء المبادرة الحريرية المتعددة الإتجاهات، اتسمت الحركة السياسية الداخلية بحيوية استثنائية.
فما أن عاد الرئيس سعد الحريري، السبت 14 شباط/فبراير الماضي، وأطلَّ من إحتفال الذكرى العاشرة لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري، في البيال، حتى تحوَّل بيت الوسط على مدى الأسبوع الفائت الى ورشة عملٍ تعيد الأمل بالواقع اللبناني الغارق في الجمود والمكبّل بالمواقف المتعارضة.
الجميع، من محاور وإتجاهات متناقضة، إلتقوا الرئيس سعد الحريري في الأيام الأخيرة ووقفوا عند طروحاته وتطلعاته.
وزار الرئيس الحريري عين التينة حيث إلتقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وتمت مناقشة مسائل الحوار وآلية عمل مجلس الوزراء وملفات الأمن ورئاسة الجمهورية. وكان هناك إتفاق على إحترام الدستور في ما يتعلق بآلية عمل مجلس الوزراء في غياب رئيس الجمهورية.
وأكد الرئيس سعد الحريري أن محاولات تعطيل مشروع الرئيس الشهيد رفيق الحريري للبنان ولبيروت ما زالت جارية، ولكن بصمودنا نواجه مشروعاً كبيراً لتعطيل الدولة وشل مؤسساتها. واعتبر أن عدم انتخاب رئيس للجمهورية لا يؤثر على رئاسة الجمهورية فحسب بل على البلد ككل، لأن البلد من دون رأس لن تستقيم أموره، لافتاً الى أننا نحاول من خلال الحوار والمشاورات تحقيق الاستقرار، ولكن من دون رئاسة الجمهورية لا وجود لمؤسسة تجمع اللبنانيين.
وجاءت زيارة الرئيس الحريري للسراي لتمنح الرئيس سلام جرعة دعم في ظل الأزمة التي يعيشها مجلس الوزراء، نتيجة الإختلاف حول الآلية التي تدير أعماله في غياب الرئيس.
فقد كان الحريري واضحاً عندما عبّرَ عن تفهّمِه لمواقف سلام، بما فيها تجميد عمل الحكومة في ظلّ الظروف التي رافقَت جلساتها الأخيرة. وكان هناك تفاهم بين الرجلين على ضرورة توفير الدعم المطلق لتفعيل العمل الحكومي بعيداً من كلّ أشكال التعطيل.
وقالت مصادر مطلعة إنّ سلام أكّد أمام الحريري أنّه أقدَم على تجميد العمل الحكومي ليوجّه رسالة واضحة إلى كلّ مَن يعنيه الأمر بفداحةِ الوضع وخطورة ما سيَؤول إليه الاستهتار بالعمل الحكومي في هذه المرحلة بالذات، ومخاطر التعطيل على الحياة السياسية والإدارية في البلاد، مشيراً إلى أنّه سعى إلى تدارُك الأخطر.
وفي أي حال، نال الرئيس سلام جرعة دعم قوية من الرئيس سعد الحريري. ويأملُ بعض القوى السياسية أن تشكّل الأزمة الداخلية في الحكومة مدخلاً إلى تسريع الانتخابات الرئاسية. ولكن، في غياب أيّ معطى جديد داخليّ أو خارجي، يصعب توقّع تحقيق أيّ اختراق على هذا المستوى، الأمر الذي سيُبقي التركيز على حلّ الأزمة الحكومية.
فالتحدّي الأساس أمام كلّ القوى المتحاورة اليوم هو في إعادة تنشيط العمل لانتخاب رئيس جديد، لأنّ ما سوى ذلك سيُبقي أيّ إنجاز مجرّدَ تفصيل في الفراغ الزاحف والمشهد التعطيلي الذي لا يتلاءَم مع طبيعة المرحلة التي يعيشها لبنان والتي تتطلب مؤسسات قائمة وفاعلة لتشكيل مظلة سياسية للجيش والقوى الأمنية من أجل أن تُواصِل عملها في حفظ الاستقرار وضبط الحدود وحماية اللبنانيين.

ورشة لا تهدأ
وفي أي حال، ووسط هذه الدينامية التي يتحرّك فيها الرئيس سعد الحريري، تحوَّل بيت الوسط قبلة الأنظار والإهتمامات على مدى الأيام الأخيرة. وهو التقى النائب وليد جنبلاط ونجله تيمور. كما زارت البيت وفود دبلوماسية رفيعة، عربية وإقليمية ودولية، بينها السفيران الأميركي ديفيد هيل والبابوي غبرييلي كاتشيا وشدّد الأخير على ضرورة إجراء الإنتخابات الرئاسية وعلى دعم الفاتيكان لأي خطوة في هذا الإتجاه.
وإستقبل الرئيس الحريري المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ في حضور السيد نادر الحريري. وقالت كاغ: جرى التركيز خصوصاً على الأمن والاستقرار، وأهمية الإنتخابات الرئاسية والتأثير الهائل للأزمة السورية على لبنان إجتماعياً وإقتصادياً، وضرورة وجود الدعم المطلوب للاجئين في المجتمعات اللبنانية الهشة، ودعم الجهود التي تبذلها الحكومة والشركاء اللبنانيين للنظر إلى الحاجة لاستقرار لبنان وعزله عن أي مخاطر وتهديدات. وهذا يؤكد أهمية الامتثال لقرار مجلس الأمن 1701، وأي أمر آخر يمكن القيام به لدعم حكومة تمام سلام.

تفعيل المستقبل و١٤ آذار
وحرص الرئيس الحريري على الإهتمام بالقواعد الحزبية التي لطالما إنتظرته، ورأس لهذه الغاية إجتماعات عمل لكوادر المستقبل من مختلف المناطق. وأما على صعيد 14 آذار، فإلتقى الرئيس أمين الجميل الذي إضطر إلى التغيّب عن إحتفال البيال لإصابته ب ديسك في الظهر. ورافق الرئيس الجميل نجله النائب سامي الجميل. وكذلك زار بيت الوسط منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد في حضور سمير فرنجية ونادر الحريري.
وبعد اللقاء قال سعيد: لمسنا من دولة الرئيس تمسكه الكامل ب 14 آذار ومستقبلها كحركة وطنية عابرة للطوائف. وهذا ما طمأننا. ونحن نعتبر أن الرئيس الحريري وحضوره في بيروت اليوم هو عنصر لجمع اللبنانيين وليس للفصل بينهم.

... وأهالي المخطوفين
وعرض وفد من اهالي العسكريين المخطوفين مع الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط ملف المخطوفين. ومن ساحة رياض الصلح، اكد المختار محمد طالب بإسم الوفد أن الرئيس الحريري أبدى إستعداده للمساعدة في الملف، وأكد موقف الحكومة ورئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم المماثل. وأشار طالب الى ان الحكومة مستعدة للمساعدة للانتهاء من الملف في حال كان الامر من ناحية المال او المقايضة.
ورأى ان الامور تتجه نحو المقايضة، وقال: لن نفتح الطريق الآن في مكان الاعتصام. وبالنسبة إلى الاصوات التي طالبت بفتح الطريق فهي اصوات أقلية، ونحن ليس لدينا اي تصعيد في المرحلة الحالية. وفي قضية المفاوضات، فإن الامور سرية ضمن دائرة الحكومة.
من جهته، اكد رئيس لجنة اهالي العسكريين المخطوفين حسين يوسف أن الأهالي ملتزمون السرية في الملف، وأن الشيخ مصطفى الحجيري مكلف التفاوض، ومعلوماته ترتكز على معطيات، ونأمل ان تكون الامور جيدة.
وقال يوسف: سمعنا كلاماً جيداً من الحريري وحمَّلناه كل مطالبنا، ولا تفاصيل بعد. ونريد ان يأتي أولادنا بأي وسيلة، والأمور في إنتظار خلية الأزمة.

نهاية الخلاف!!
وزار رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون بيت الوسط حيث استقبله الرئيس الحريري وعقد معه اجتماعاً في حضور الوزير جبران باسيل والنائب السابق غطاس خوري. واستكمل البحث إلى مائدة عشاء أقامها الحريري على شرف عون.
وفي بداية اللقاء، بادر الحريري إلى تهنئة عون بعيد ميلاده الثمانين، قبل أن يستغرقا في الملفات السياسية. وقطعا سوية قالب الحلوى لمناسبة عيد الجنرال الذي قال له الرئيس الحريري عقبال المية.
ووفق المتابعين، كان جو اللقاء والعشاء بين الرجلين جيداً ومريحاً. وقال أحد المشاركين إن اللقاء شكل مؤشراً على أن مرحلة الخلاف السابقة بين الرجلين قد انتهت ولن تعود، وأن العلاقة ستبقى مستمرة وفي تحسن دائم، لافتاً إلى أنه إذا كان الحوار في السابق بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل قد أنتج حكومة، فإن نتائج لقاء بيت الوسط ستظهر أيضاً قريباً في الحكومة.
وفي الأحاديث التي دارت بين الجنرال ودولة الرئيس أكد الجانبان ضرورة تفادي شلل الحكومة والعمل على تفعيل عملها. فالعماد عون أثار مسألة تمديد الخدمة لبعض الضباط، معتبراً الأمر غير قانوني. فكان الرد بأن الحل لكل هذه المشاكل والأزمات يكمن في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة لتسيير الأمور في شكل طبيعي.
وتردّد أن الرئيس الحريري شجع العماد عون مجدداً على الحوار الحاصل مع القوات اللبنانية، فردّ عون بالإشارة إلى أنه تم التوصل إلى ورقة نوايا، وأنه ما زال في انتظار ردّ القوات اللبنانية عليها. وقال أحد المطلعين على أجواء اللقاء في بيت الوسط بالقول: إن العماد عون بدا في هذا الموضوع لا متفائل ولا متشائم.
وفي خضم هذا اللقاء الذي دام نحو ساعتين وصل السيد نادر الحريري من جلسة الحوار مع حزب الله، وانضم إلى الحاضرين، فطرح العماد عون سؤالاً عن هذا الحوار، فكان الردّ بأنه تمّ التأكيد على المسلمات التي أعلنها الرئيس سعد الحريري في خطابه في 14 شباط/فبراير في البيال وأن المستقبل أبلغ حزب الله رداً على دعوة السيد حسن نصرالله بالذهاب جميعاً إلى سوريا ب أننا باقون في لبنان ولن نذهب لا إلى سوريا ولا إلى العراق.
وقد وضع كل من الحريري وعون حلفاءهما مسبقاً في الاجواء التمهيدية للقاء الذي كان لا بدَّ من عقده في بيروت، بعد اللقاء الذي حصل قبل سنة في روما، فيما قالت مصادر مطلعة ان هذا الاجتماع يفتح أبواب الحوار الرئاسي، لكن من الصعب التوصل الى نتائج. وبالتالي لا بد من جلسات لاحقة، سواء بين عون والحريري أو بين مساعدي الرجلين.
ونوقشت خلال اللقاء المشكلات التي تواجه عمل حكومة الرئيس تمام سلام، وإنعكاسات الأوضاع المتفجرة في المنطقة، لا سيما في سوريا والعراق ومخاطر امتدادها إلى لبنان، وأهمية اللقاءات الحوارية الجارية لإنتاج تفاهمات وطنية في مكافحة المخاطر الإرهابية وظواهر التطرف، وصولاً إلى إمكان التفاهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

اللقاء الثاني خلال شهر
ولقاء بيت الوسط بين عون والرئيس الحريري يأتي بعد حوالى الشهر على لقائهما في السعودية لمناسبة تقديم العزاء بخادم الحرمين الشريفين الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز. واللقاء الأخير بينهما إختلف عن سوابقه لأنه جاء بعد الإحتفال بالذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، التي حضرها إلى يمين رئيس الحكومة الحالية، الوزير باسيل ممثلاً العماد عون. وقد ردّ الرئيس سعد الحريري بإيفاد مستشاره النائب السابق غطاس خوري الى الرابية في زيادة شكر ودعوة الى العشاء. وقد لبّى عون هذه الدعوة الى بيت الوسط يرافقه الوزير باسيل، ليأتي العشاء بمشاركة خوري والسيدين نادر الحريري وهاني حمود.
وتقول مصادر الرابية: إن ملفات عديدة نوقشت. وأما الاستحقاق الرئاسي، فلا شك أنه بدا في زوايا الملفات المطروحة من دون أن يدخل ملعب النقاش. مع إشارة لافتة، حرص المشاركون على ذكرها: لقد بحثنا ما هو أهم من الرئاسة للمستقبل.

أين الرئاسة من كل هذا؟
المثير أن زيارة عون ل بيت الوسط تزامنت مع المحطة الفاشلة الرقم 19 لإنتخاب رئيس للجمهورية، وتحديد 11 آذار/مارس موعداً للدعوة ال 20 لمجلس النواب. فهل تكون كسابقاتها أم تكون حاسمة لإختيار رئيس جديد للجمهورية، بعد 9 أشهر من الفراغ؟
في 14 آذار، أسئلة عن السبب الذي يمنع إنتخاب رئيس للجمهورية في أقرب ما يمكن. فلماذا لا يحضر النواب جميعاً، ولا سيما نواب العماد عون وحزب الله جلسة الإنتخابات المقبلة، ويوفرون النصاب لإنعقادها، فتنتهي بإنتخاب الرئيس المنتظر، أياً يكن هذا الرئيس؟
الكرة تبدو في زاوية منها متعلقة بالخيارات الإقليمية الكبرى. ويقول البعض إن من المبالغة تحميل القادة المسيحيين مسؤولية الاستمرار في الفراغ. ويقول هؤلاء: لو كانت الأزمة بين المسيحيين، فلماذا إذاً يجول الموفد الفرنسي وسواه من الوسطاء بين طهران والعواصم الفاعلة الأخرى لتذليل العقبات من أمام الإنتخابات الرئاسية؟
وفي هذا الكلام جانب من الصحة، لكنه ليس دقيقاً في المطلق. فالقوى الوطنية جميعها تقول علناً إنها ستتبنى الرئيس الذي يتفق عليه المسيحيون. وليس هناك شك في أن القوى كلها ستلتزم الخيار المسيحي الإجماعي، إذا توصَّل إليه المسيحيون. فمقعد الرئاسة هو المقعد الميثاقي المسيحي كما هو مقعد رئاسة المجلس النيابي للشيعة والحكومة للسنة. والقادة المسيحيون، إذا توصلوا إفتراضاً إلى التوافق على أي مرشح للرئاسة، سواء كان واحداً من الأقطاب الأربعة الرئيسيين أم من سواهم، سيكونون قادرين على تأمين إيصاله إلى موقع الرئاسة.
وبدلاً من إرتفاع الأصوات المسيحية المعترضة على الفراغ، أو القائلة بدور للقوى الإقليمية في عرقلة الإنتخابات الرئاسية، هل جرّب المسيحيون أولاً إختيار مرشح واحدٍ وطرحوه على الشركاء، وتلقّوا ردّة فعل مخالِفة؟

حوار عون - جعجع في الميزان
ومن هذه الزاوية، تبدو أهمية الحوار القائم بين الرابية ومعراب. وفيما يراهن كثيرون على ظهور نتائج عملية للحوار، خصوصاً على الصعيد الرئاسي، بين القوتين المسيحيتين الكبريين، لوحظ أن طرفي الحوار نفسيهما ما زالا يكافحان لتجاوز حال الجمود التي قد تصيب هذا الحوار.
وقبل أيام، ظهر على تويتر بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع مزيج من التغريد والتمريك. وبين المزح والجدّ بدا أن الحكيم لا ينتظر بلوغ ما سمّاه الإتفاق الكامل بين الرجلين قبل شباط/فبراير 2016... وأما عون فردَّ بإستعجال القيامة، أي إبرام الإتفاق قبل إنقضاء الصوم وحلول عيد الفصح المجيد، أي في غضون شهر!
وثمة من يقول: الظاهر بين توقيت جعجع السنوي وتوقيت عون الشهري، يبدو أن هناك مزيداً من الوقت لإنجاز إتفاق كامل. وورقة النوايا الموعودة بين الجانبين، عندما يتمّ التفاهم، وظيفتها التمهيد للإتفاق الكامل. وهذا يعني أن إكتمال الأفراح بين الرابية ومعراب لا يكون فقط بالتفاهم على خطوط عريضة سبق أن تفاهما عليها، مع الأحزاب المسيحية الأخرى في بكركي، بل بالتفاهم على: مَن هو الذي يستأهل الوصول إلى بعبدا.
العماد عون يخوض اليوم مع الدكتور جعجع مفاوضات مضنية لإقناعه بالتنازل له رئاسياً، لكنه لا يحصل منه لا على كلمة نعم... ولا كلمة لا. وفي ذلك، ينتظر عون دعماً من جعجع، كما إنتظر العام الفائت، على خط بيروت - الرياض - باريس دعماً من الرئيس سعد الحريري.
إذا كان الإتفاق الكامل الذي قصده عون وجعجع، على تويتر، يعني التوافق على مرشح رئاسي مشترك، فهذا يعني أن الرجلين سيشعلان النار طويلاً تحت طبخة بحص صعب نضوجها. وعندما يتحدث جعجع، عن عام إضافي في عيد عون الثمانين، فمن الطبيعي أن يردَّ عليه الجنرال بإستعجال القيامة.
فلا يبدو اطلاقاً ان عون مستعد للقبول بمرشح تسوية. وأما جعجع فلا يبدو في وارد أن يقول له نعم، على رغم التسريبات المجهولة المصدر عن قبوله المحتمل بخصمه المسيحي. لكن عون لم ييأس من موافقة الحريري.
وإذا كان تحضير ورقة التفاهم على الثوابت المسيحية إستغرق أشهراً، وما زالت قيد الإنتظار، فإن التفاهم على الرئاسة لا يبدو متوقعاً. وليست هناك خسارة لدى عون أو جعجع من هذا التأخير، لكن الخسارة فادحة على المسيحيين والرئاسة والبلد.
وفي الأيام الأخيرة، إرتفعت أصوات، بعضها عن حسن نية، تستنكر القول إن المسيحيين هم الذين يتسببون بالفراغ الرئاسي، وتصرُّ على القول إن مسألة الرئاسة مرهونة بالقوى الإقليمية والدولية. وقد يكون في ذلك شيء من الحقيقة، ولكن: هل جرّب المسيحيون أن يتفقوا مرة على الرئاسة ويعلنوا مرشحهم بصوت واحد، بغطاء من بكركي وسائر مرجعياتهم الروحية، ليعرفوا إذا كان الآخرون يحترمون قرارهم أم لا؟
ويقول البعض: في الطوائف الأخرى، التفاهم على مرشح واحد يصبح أمراً إلزامياً للآخرين. وهذا الأمر ينطبق أيضاً على المسيحيين إذا إتفقوا يوماً... والمهم أن يقتنعوا هم أولاً بأنهم ليسوا نَكِرة، وأن يتصرفوا على هذا الأساس، كي يتوقف الآخرون عن إنكارهم!
وأما إستمرار المناورات وتقطيع الوقت فيعني أن الإنتخابات الرئاسية مؤجلة أيضاً، وإلى مدى غير معلوم. ويوماً بعد يوم، تفقد رئاسة الجمهورية أهميتها إلى حدِّ دفنها. وفي إعتقاد أوساط مسيحية أن الورثة بدأوا يتنازعون على الميراث. وفيما لعبة المواعيد على أوجها بين عون وجعجع، منذ أشهر، يتضاءل تدريجاً وزن الرئاسة، الموقع المسيحي الأول.
في بداية الفراغ، كان الكلام منصباً على إيجاد المرشح المناسب وإجراء الإنتخابات الرئاسية. وبعد أشهر، تراجع الحديث عن الإنتخابات إلى حدود الصفر، فيما مجلس الوزراء مرتاح إلى إدارته الجماعية للأزمة، بإعتباره مجلساً فدرالياً تتمثّل فيه المجموعات الطائفية كلها، ويعوِّض المسيحيين موقتاً فراغ الرئاسة الميثاقي.
اليوم، هناك مرحلة ثالثة من الإنهيار، هي: إقرار آلية لإتخاذ القرار داخل المجلس يمكن أن تتجاوز الإعتراضات القليلة. وهذا يعني إضعاف بعض الأدوار في غياب الرئيس. وهذا هو مغزى الموقف الذي عبَّر عنه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل أيام، في حديثه عن التعديل الذي يُحكى عنه في آلية عمل مجلس الوزراء في غياب رئيس الجمهورية.
لذلك، يسأل البعض: كل هذا الوقت المهدور، ألا يعني شيئاً في معراب والرابية؟
الجميع يأملون خيراً في أي حال، ويقولون: لعل التويتر بين عون وجعجع يبقى أفضل من التوتير!

كادر

لقاءات أمنية
وقد كانت لقاءات الحريري مكثفة بحيث التقى في بيت الوسط مع وزراء وقادة امنيين ومع المحافظين ومدراء عامين، اضافة الى نواب وسفراء وفاعليات.
وفي هذا الاطار التقى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في حضورالمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم وجرى عرض للاوضاع الامنية في البلاد. كما التقى في حضور الوزير المشنوق والمدير العام للبلديات عمر حمزة، محافظي: جبل لبنان فؤاد فليفل، بيروت زياد شبيب، الشمال رمزي نهرا، الجنوب منصور ضو، عكار عماد لبكي وبعلبك - الهرمل بشير خضر.
ثم استقبل، ايضا في حضور الوزير المشنوق، المدير العام لشؤون السير هدى سلوم والمدير العام للاحوال الشخصية سوزان خوري والمدير العام للشؤون السياسية فاتن يونس. واستقبل ظهرا النائب محمد الصفدي، وكان عرض لآخر المستجدات.



السفراء الذين التقاهم الحريري
في ما يلي اسماء السفراء العرب الذين التقاهم الرئيس سعد الحريري الذين تقدمهم عميد السلك الدبلوماسي السفير المغربي علي اومليل، وهم سفراء: قطر علي بن حمد المري، الأردن نبيل مصاروة، الجزائر أحمد بوزيان، السودان أحمد حسن، تونس حاتم الصائم، مصر محمد بدر الدين زايد، الكويت عبد العال القناعي وفلسطين أشرف دبور، والقائمين بأعمال سفارات: السعودية عبدالله الزهراني، اليمن علي أحمد الدلمي، الإمارات حمد محمد الجنيبي، العراق به ري خان وعمان أحمد الحارثي.
    قرأ هذا المقال   2653 مرة
غلاف هذا العدد