إختر عدداً من الأرشيف  
لبنان

المشنوق يعيد سجن رومية إلى سلطة الدولة: لا رجوع إلى الفوضى مهما كان الثمن!
الجميع إعتقد أن المبنى ب خاتمة الأحزان... ففاجأهم المبنى د
بعد أقلّ من ثلاثة أشهر على المواجهات الأخيرة بين الموقوفين المتطرفين وقوّات الأمن في سجن رومية، وعلى رغم تطبيق الخطة الأمنية الخاصّة في المبنى ب ونَقلِ هؤلاء، بثيابهم فقط، بلا مقتنيات، إلى المبنى د، لم يَستتبّ الوضع تماماً داخل السجن، حيث لا يزال هؤلاء يتمتّعون بقدرةٍ على الحركة وإثارةِ الشغب والتمرّد.
فقد إفتعل هؤلاء من داخل المبنى د، تمرداً جديداً تحت عنوان رفض الواقع السيء الذي يقيمون فيه. ولكن، سُرعان ما تطوّرَ التمرد إلى احتجاز عناصر من قوى الأمن الداخلي، بعدما استولى السجناء على مفاتيح الغرَف.
وتذرع هؤلاء بالمطالبة بتحسين ظروفِ سجنِهم وتخفيف الإكتظاظ والتضييق عليهم داخل السجن، إلى جانب مطالبتِهم بعدد من التسهيلات، واحتجاجهم على الإجراءات الأمنية المشدّدة التي تتّخِذها القوى الأمنية خلال زيارات الأهالي.
وهذا التمرد لم يكن مفاجئاً بالنسبة إلى بعض المعنيين. منذ نهاية الشهر الماضي، سرّب عدد من السجناء للحراس بأن المتطرفين يخططون له، احتجاجاً على الإجراءات الخانقة التي لم تتراخ منذ تنفيذ الخطة الأمنية منتصف كانون الأول/ديسمبر الفائت، إذ إن مفاعيلها لا تزال تطبّق على 1100 سجين محتجزين في الطوابق الثلاثة في د. وأكثر من 500 من هؤلاء ينتمون إلى تيارات متطرفة، ولا سيما فتح الإسلام.
وزيارات الأهل المسموح بها لمرة واحدة في الأسبوع توفّر مواجهة عن بعد وتهاتف عبر الإنترفون لمدة ربع ساعة. أما استخدام الهاتف بتيليكارت، فمسموح به لمرة واحدة أسبوعياً لمدة خمس دقائق. وهذا الامتياز متوافر فقط للمحكومين والموقوفين العاديين اللبنانيين، كما أنه لا يزال ممنوعاً على الأهل إدخال الطعام لأبنائهم.
وتلك الإجراءات، دفعت بحوالى 800 سجين الى تنفيذ إضراب عن الطعام بدءاً من أواخر شباط/فبراير الماضي انتهى على نحو تدريجي قبل أيام، بعد وعود بتخفيف الخناق. علماً بأن الفهود والتدخل كانا جاهزين لاقتحام المبنى لجلب أي موقوف.

وحينذاك، وعد المتطرفون بتنفيذ تمردهم خلال أسبوعين، وهذا ما كان. وهذا التمرد ذكّر بانتفاضة نيسان/ابريل من العام 2011 في المبنى د ومبنى المحكومين، التي امتدت إلى باقي المباني وأدت إلى إخلاء د وإعادة تأهيله. وبعد ثلاث سنوات تماماً، واجه المبنى المصير نفسه. ويرى مصدر أمني أن ما جرى أخيراً أعاد الدولة إلى النقطة الصفر، كما أعاد المبنى د إلى أسوا مما كان عليه المبنى ب عند اقتحامه.
لكن وزير الداخلية نهاد المشنوق أثبت مرة جديدة أنه الرجل المناسب في المكان المناسب. فهو قاد مباشرة عملية إخماد التمرد كما في المرة السابقة بحزم وبقوة القانون. وأصر الوزير المشنوق على أن الوضع تحت السيطرة، ولن يعود السجن إلى سابق عهده من الفوضى، مهما كان الثمن.
وإذ هناك مشروعية في المطالبة بتحسين ظروف السجناء، فليس ذلك مبرِّراً لتحويل السجن قاعدة لإدارة الأعمال الإرهابية، أو تحويل السجن إلى بؤرة أمنية خارجة عن سيطرة الدولة. وكانت وزارة الداخلية تسابق الوقت مع المتعهد لتسلّم المبنى ب بعد إنجاز أشغال تأهيله، مطلع أيار/مايو المقبل. وكان نزلاء مبنى المحكومين سينقلون إليه لتبدأ ورشة تأهيله.

ماذا جرى في المبنى د؟
تروي مصادر أمنية أن عدداً من الموقوفين المتطرفين في سجن رومية تمكنوا من سرقة مفاتيح السجن من أحد العسكريين، ومن ثم قاموا باحتجازه و11 عسكرياً بالإضافة إلى ضابطين طبيبين، وفتحوا كل أبواب السجن بعضها على بعض اثر خلعها وكسرها، فضلا عن حرق فرش أسفنجية وأغطية.
فبعد صلاة وخطبة الجمعة، أخرج هؤلاء مخططاً كانوا جهزوه إلى العلن، فأثاروا الشغب وسيطروا على المبنى المؤلف من ثلاث طبقات، انطلاقاً من الطابقين الأول والثاني اللذين يشغلونهما، وعمدوا إلى تحطيم محتوياتهما واحتجاز الحراس.
وسيطر السجناء على مداخل المبنى ووصلوا حتى بواباته الرئيسية الأربع التي يفصل بينها وبين باحة السجن الخارجية باب واحد. واحتجزوا الحراس، واقتادوهم إلى النوافذ المطلة على الباحة بعدما نزعوا بزاتهم العسكرية وقام عدد منهم بارتدائها ثم وضعوا سكاكين صنعوها يدوياً على رقابهم مهددين بذبحهم. وحطموا المراحيض والمغاسل وكاميرات المراقبة والأضواء ومحتويات الزنازين وخلعوا أبوابها.
فيوم الجمعة، يكون برنامج السجناء متعدداً. وتتوزع حركة الحراس في أكثر من اتجاه. وليست هناك زيارات للأهل يوم الجمعة، كما أن عدد الجلسات في المحاكم لا يكون كبيراً. ويتم تسيير الموقوفين والسجناء في نزهة تضم نحو ثمانين منهم في باحة النزهة، وهناك وقت للاستحمام وللحلاقة. وبين هذا النشاط وذاك، اقتنص بعضهم فرصة لتنفيذ مخططهم، ولا سيما أنهم لا يحتاجون إلى الكثير من التخطيط. فالدولة في سجن رومية نقلتهم من مبنى إلى آخر، لكنها لم تبدد جمعهم وأبقتهم كتلة موحدة، كما لم تلحظ في أشغال التأهيل، عدم استخدام مواد تصلح لصنع آلات حادة منها.
وفيما كان قائد الدرك العميد الياس سعادة قد وصل إلى المبنى وسط انتشار للفهود والمغاوير والقوة الضاربة، محاولاً التفاوض مع السجناء، في محاولة لإطلاق العسكريين، كان السجناء يصرخون من النوافذ، محذرين القوى الأمنية من الاقتراب من المبنى واقتحامه، ورموهم بحجارة جمعوها بعد تحطيم جدران الزنازين.
بعدما حلّ الظلام، استخدمت القوى الأمنية كاشفات الضوء وسلطتها على المبنى، في وقت كانت فيه قوة مكافحة الشغب تطوقه وتتجمع في باحة النزهة. وعندما شعر السجناء بقرب اقتحام المبنى بالقوة وتكرار ما حصل قبل اربعة أشهر في المبنى ب، أقدموا على إضرام النيران في الطبقتين الثانية والأرضية.
وقبيل منتصف الليل، إستدُعي خالد يوسف المعروف بابو الوليد، الذي يُعدّه المتطرفون أمير المبنى ب، الى خارج المبنى للقاء كل من المقدم خالد عليوان رئيس القوة الضاربة والعميد منير شعبان مستشار الوزير المشنوق، حيث اجتمعوا في مكتب جانبي للتفاوض بشأن إنهاء التمرد. وجرى التفاوض على تسليم المحتجزين من العسكريين، وبينهم الطبيبان من المركز الطبي، مقابل تنفيذ عدد من مطالب السجناء.
وبعد ساعات على اندلاع الشغَب واستمرار المساجين في تصعيدِهم، أمهَلتهم القوى الأمنية مدّةً قصيرة للإفراج عن العسكريين المخطوفين متوعّدةً إيّاهم بعقوبات مشدّدة، إلا أنّ المتطرفين لم يأبَهوا للتهديدات، فاستمرّت أعمال العصيان، عمَدوا خلالها إلى تخريب وتكسير التجهيزات وأبواب الزنزانات وتحطيم الكاميرات المجهّزة، فضلاً عن حرقِ الفرش والأمتعة، ما أدّى إلى اندلاع حريق في الطابق الثاني حيث كان يُحتجز العسكريون، قبل أن يتم إخماد الحريق.
غير أنّ مجموعة من القوّة الضاربة في شعبة المعلومات ووحدة مكافحة الشغَب تمكّنَت، بعد انتهاء المهلة المحدّدة، من دخول البهو الداخليّ واقتحام المبنى وتطويقه، بعدما نشرَت أبوابَه الخلفية، في وقتٍ عملَت القوى الأمنية على إضاءة المبنى من خارجه لتمكين القوّة التي دخلت من متابعة مهمّتها.

تحت السيطرة
ولم تنفِ مصادر أمنية ما أشيعَ من معلومات عن ارتباط التحرّك الذي قاده السجَناء، بمقتل المطلوب أسامة منصور، وأكّدَت أنّ الأمور لن تفلتَ من السيطرة، منعاً للتراخي والإهمال ما يُحَوّل المبنى الجديد الموَقّت غرفةَ عمليات جديدة لإدارة الإرهاب، معتبرةً أنّ الأمر لا يتعدّى كونَه مجرّدَ أعمال شغَب يقوم بها سجَناء عاديّون.
وفي السياق، قال رئيس جمعية عدل ورحمة الأب هادي العيا، إنّ المسألة تتعدّى قضية الإسلاميين بعد نقلِهم من المبنى ب، لتصبحَ معضلةً إنسانية وإدارية، خصوصاً أنّهم باتوا في مبنى يضمّ سجَناء ذوي أحكام عدلية، فيما تُهمتُهم مرتبطة بالإرهاب، مشيراً إلى أنّ المبنى يضمّ 1200 سجين، لكنّه لا يستوعب أكثر من 600 فرد، عِلماً أنّ هذا المبنى غيرُ جاهز لاستقبال السجَناء أساساً، وهو معرَّض للانفجار في أيّ لحظة، أيّاً كانت هوية السجَناء الذين يضمّهم.
وإذ انتقدَ قرارَ دمج المتطرفين مع السجناء العدليّين، دعا العيا إلى الامتثال بالدوَل الغربية التي تخصّص سجوناً للمتّهمين بالإرهاب تتمتع بخصوصية أمنية، بحيث يكون التعامل مع هذه الفئة من الناس مختلفاً عن سائر السجناء، مشدّداً على ضرورة فصل الموقوفين الإسلاميين عن سجن رومية.
امّا في طرابلس، فتجمّعَت أمّهات الموقوفين وأخَواتُهم وزوجاتُهم، عند الجامع الناصري في باب التبانة وقطعنَ الطريق لبعض الوقت، مطالباتٍ بمعاملة أولادهنّ بالحُسنى وإسراع المحاكمات وإنهاء الملف.

التمرّد في رومية
ومنذ العام 2008، جرت عمليات تمرّد في سجن رومية، ولا سيما المبنى ب، نظراً لاحتوائه على الموقوفين الذين ارتكبوا جرائم إرهابية، وكانوا يصلون اليه منذ مطلع العام 2000 مع توقيف أعداد كبيرة من الذين اعتدوا على الجيش في كفرحبو في جرود الضنية. وبعد خروج موقوفي الضنية في إطار صفقة عام 2005، في سياق العفو العام الذي صدر عن قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، في مقابل الافراج عنهم. ثم جاء المتطرّفون الذين اعتدوا على الجيش اللبناني في البارد عام 2007 والذين أودعوا المبنى ب بالمئات.
وهنا عرض لمحطات بارزة داخل السجن:
- 24 نيسان/ابريل 2008: شغب في مبنى المحكومين، استمرّ حوالى 9 ساعات، أحرق خلاله السجناء فرشهم والأغطية، وأسر السجناء عريفا و5 مجنّدين من قوى الامن، وجرت مفاوضات على إثر ذلك بين إدارة السجن وقادة التمرد.
منذ حينه توالت حوادث الشغب والتمرّد في مباني السجن، وحصلت حوادث فرار ومحاولات فرار من المبنى ب على أثر التمرّد، أوّلها كان فرار الموقوف السوري طه احمد حاجي سليمان وهو من فتح الإسلام من المبنى ب.
- 18 أيلول/سبتمبر 2009: ألقت القوى الأمنية القبض على سبعة سجناء آخرين من المنظمة عينها في محاولة فرار بعدما ربطوا أغطية ببعضها على شكل حبال ووصلوها من الطبقة الثالثة من مبنى المحكومين الى باحة السجن الرئيسة، وقطعوا حديد نافذة المبنى بِنَصل منشار حديد.
- 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2010: فرّ السجين وليد البستاني، فيما باءت بالفشل محاولة زميله السوري منجد الفحام اللحاق به. وكلّ من السجينين هما من فتح الإسلام، وبيّنت التحقيقات في حينه تورّط مجنّد في قوى الامن في تسهيل عملية الهرب، بتأمينه للسجينين جهاز قطع صامت منشار كهربائي لقطع الحديد يعمل على البطاريات، فقطعا به حديد نافذة القاووش. وبواسطة حبل أمّنه لهما المجنّد تمكن البستاني من النزول من الطبقة الخامسة الى باحة السجن الخارجية. وهو ما لم يستطعه الفحام بسبب انقطاع الحبل، فهوى الى الباحة وأصيب بكسور في عظامه أدّت الى بقائه مغمياً عليه يئن حتى غروب ذلك النهار، حين سمعت إحدى الزائرات أنينه وأبلغت الحراس، الذين نقلوه الى مستشفى السجن. اما البستاني فكان انتظر خروج قوافل الزوار واندسّ بينهم وخرج من بوابة السجن الرئيسية.
- مطلع نيسان/ابريل 2011: بدأ السجناء تمرداً واسعاً ضد ما اعتبروه إجراءات انتقامية قام بها ضدهم ضابطان من قوى الأمن الداخلي في بداية احتجاجهم على سوء المعاملة. واستمر التمرد ثلاثة أيام ما بين 5 نيسان/ابريل و8 منه، أشعل السجناء أثنائه حرائق في المبنى ودمّروا بعض محتوياته، فقتل السجين روي عازار في انفجار قنبلة صوتية حاولوا رميها على عناصر القوة الأمنية أثناء قيامها بعملية دهم السجن لإنهاء التمرد. أما السجين جميل أبو غني فقضى بأزمة قلبية حادة في نهاية عملية الدهم.
- ليل 13 آب/اغسطس 2011: نشر خمسة سجناء في المبنى ب حديد شباك زنزانتهم، وخرجوا منها تباعاً هابطين بواسطة شراشف موصولة إلى باحة السجن الخارجية، ثم اندسوا بين الزوار وفرّوا. ثلاثة منهم ينتمون إلى فتح الإسلام، هم السوريان عبدالله سعد الدين الشكري وعبد العزيز أحمد المصري، واللبناني عبد الناصر سنجر. أما الآخران فهما موقوف سوداني وآخر كويتي من تنظيم القاعدة يدعى أبو طلحة. لكن الفضيحة تجلّت في أن فرار السجناء الثلاثة جرى بالتواطؤ مع عناصر من قوى الأمن، والفضيحة أن كاميرات المراقبة في السجن معطلة منذ العام 2010.
- 19 كانون الثاني/يناير 2012: أوقفت القوى الأمنية امرأة حاولت إدخال أجهزة هاتف خليوية في وجبة طعام تحملها لابنها السجين. وما أن علم الإبن بتوقيف أمه، حتى عمد مع رفاقه السجناء إلى إثارة شغب في السجن، إستمر حتى السابعة مساء، ولم يتوقف إلا بعدما علم الابن بأن الأم سيطلق سراحها بسند إقامة.
- 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2012: أحبط رجال الأمن محاولة فرار سجناء من فتح الإسلام، بعد ضبطهم لباساً نسائياً وحبالاً في إحدى قواويش السجن.
- 13 كانون الأول/ديسمبر: أحبطت قوى الأمن محاولة فرار جماعية لعشرين موقوفاً من فتح الإسلام، قاموا بقطع حديد نوافد مشغل السجن، وبإحداث ثغرة في جدار يصلون عبرها إلى مكتبته التي كانوا أحرقوها في عمليات شغب سابقة.
- 23 كانون الأول/ديسمبر: حدث تململ بين سجناء مبنى المحكومين، بعد تلقّيهم أوامر بنقلهم إلى مبنى آخر.
- 2 كانون الثاني/يناير 2013: وقعت أعمال شغب وإحراق فرش وأغطية في المبنى ب، احتجاجاً على انقطاع المياه، وقام سجناء بخطف عسكريين من الحراس، ثم أطلقوا سراحهم.
- في 5 كانون الثاني/يناير 2014: أعلنت شعبة العلاقات العامة في قوى الامن الداخلي في بيان أن عدداً من سجناء مبنى المحكومين في رومية قاموا بأعمال شغب، فعمدوا الى افتعال الحرائق وخلع بعض الابواب الداخلية، احتجاجاً على التفتيشات الفجائية والإجراءات الأمنية التي تنفّذها العناصر المولجة حراسة السجن، الامر الذي استدعى تدخّل قوى الامن الداخلي لفرض الامن والنظام. وتمكّنت من إعادة الهدوء الى السجن بعيد منتصف الليل.
- 17 كانون الثاني/يناير 2014: وقع حادث مريب متمثل بالانتحار المشبوه للسجين الفلسطيني في المبنى ب غسان قندقلي الذي قيل إنه شنق نفسه بوشاح من الصوف في المرحاض، في حين ساد اعتقاد قوي بأن قندقلي تم شنقه، وربط معنيون بين الامر وبين إحباط قوى الأمن في 21 من الشهر نفسه، عملية فرار جماعي لإسلاميين في المبنى ب بعدما خططوا طوال ثلاثة أشهر للعملية، فقطعوا قضبان الحديد في الباب الفاصل ما بين المبنى وبرج المراقبة، ونصبوا شراشف موصولة على أربعة خطوط بطول عشرات الأمتار للتزحلق عليها من البرج إلى الخارج. وشاع في حينه أن خلية أو حلقة من السجناء الإسلاميين أجرت محاكمة لقندقلي بعدما وجهت إليه تهمة الاغتصاب والقتل، وحكمت عليه بالإعدام ونفذت الحكم شنقاً في المرحاض.
وكان المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي وجه كتاباً في 27 آب/اغسطس 2010 إلى مجلس الوزراء يحذر فيه من احتمال انفجار كبير في سجن رومية. والكتاب الذي استند إلى تقرير، وتمّ تنفيذ محتوى مقترحه، بعد حوالى 5 سنوات، كان أشار إلى الخطر المتفاقم الناجم عن عدم إحالة عدد كبير من الموقوفين إلى المحاكمة، وعن عدم توزيعهم وعزلهم، ما دامت التوجهات إياها تجمع بينهم وتشكل خطراً عليهم وعلى سواهم من السجناء.
واعترف الأمنيون، وفقاً للتقرير، بأن الفساد أصاب الجسم الأمني في السجن، مما سهل حصول السجناء على الهواتف الخليوية والحبوب المخدرة، وغيرها من الادوات التي تمكّنهم من الفرار. فيما المراقبة الالكترونية وسواها من التجهيزات الامنية معدومة في سجن رومية، وما استقدم منها تبيّن أنه غير صالح للعمل. واذا أضيف إلى هذا كله ان حوالى 5 آلاف سجين محشورون في سجن لا يتسع لأكثر من ألفين، نعلم بماذا تنذر حال الإهمال والتسيّب القائمة في هذا السجن.
ومما اقترحه تقرير ريفي لحلّ هذه المعضلة في حينه:
- استعجال القضاء في بتّ ملفّات الموقوفين.
- إيجاد حلّ جذري لترحيل الأجانب المنتهية محكومياتهم.
- الإسراع في عملية إلحاق إدارة السجون بوزارة العدل.
- العمل على إيجاد سجن خاص للموقوفين من ذوي الحالات الأمنية الخاصة.
وما يوحي بالتفاؤل هو الإصرار الذي أبداه الوزير المشنوق على المعالجة الجذرية، وهو الذي أثنى عليه الوزير السابق للداخلية مروان شربل، الذي في عهده كانت إنتفاضات أيضاً في سجن رومية.
    قرأ هذا المقال   3522 مرة
غلاف هذا العدد