إختر عدداً من الأرشيف  
لبنان

الرئيس الفرنسي زار لبنان وامضى فيه ٤٨ ساعة
هولاند بحث مع بري وسلام دعم الجيش وموضوع النازحين السوريين
فرنسا حريصة على تعزيز أمن لبنان واقتصاده كمنفذ الى المنطقة
زار الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لبنان وامضى فيه ٤٨ ساعة، ضمن جولة عربية شملت ايضا مصر والاردن. والى لبنان دخل الرئىس هولاند من بوابة مطار بيروت الدولي مطار رفيق الحريري وغادره من مطار رياق العسكري، في ختام زيارته الى توّجها بزيارة استعراضية لمخيم للنازحين السوريين في البقاع. ولا شك ان هذه الزيارة كانت مفيدة على غير مستوى وفي اكثر من قضية من القضايا المأزومة في البلد، وعلى رأسها مشكلة العجز اللبناني عن انتخاب رئىس للجمهورية. هو لم يحدث خرقا في هذا الملف الشائك والمعقد، ولكن كانت لهذه الزيارة دلالاتها الرمزية لجهة الاهتمام الفرنسي بالوضع اللبناني. والاهم فيها انها تمت، في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية، حيث تغاضى هولاند عن جزء اساسي من البروتوكول، فكان في استقباله على ارض مطار رفيق الحريري، وزير الدفاع نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل، منعاً لاي تفسير داخلي قد يترتب على مغامرة ان يكون رئيس المجلس النيابي او رئيس الحكومة في الاستقبال. وصل الرئيس هولاند الى مطار رفيق الحريري بعد ظهر يوم السبت الماضي السادس عشر من نيسان/ابريل الحالي، وزار رئىس مجلس النواب نبيه بري في مقر مجلس النواب بساحة النجمة، حيث عُقد اجتماع مصغر بين الرجلين ثم اعقبه اجتماع موسع. وبعد ذلك زار السراي الحكومي وعقد لقاء مع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، الذي أُخذ عليه عدم دعوة كل الوزراء الى هذا الاجتماع.

في لقائه مع الرئىس بري عقد الرئيس هولاند جولة محادثات تناولت التطورات الراهنة في لبنان والمنطقة، والعلاقات الثنائية بين البلدين.
ولدى وصوله الى ساحة النجمة استقبله بري في الساحة، وأدت له ثلة من شرطة مجلس النواب التحية، وعزفت فرقة من موسيقى قوى الامن الداخلي النشيدين الوطنيين اللبناني والفرنسي والنشيد الأوروبي. وبعد ذلك صافح الرئيس الفرنسي عند مدخل المجلس اعضاء هيئة مكتب المجلس: نائب الرئيس فريد مكاري، النواب: احمد فتفت، ميشال موسى، سيرج طورسركيسيان وانطوان زهرا والامين العام للمجلس عدنان ضاهر. ثم عقد بري وهولاند اجتماعا في مكتب رئيس المجلس في حضور مكاري ونائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل والدكتور محمود بري، تلاه اجتماع موسع حضره اعضاء الوفد الفرنسي المرافق واعضاء هيئة مكتب المجلس.
وبعد الاجتماع عقد الرئيسان مؤتمرا صحافيا استهله بري بالقول: مهما كان شعوري وشعور الزملاء وشعور كل اللبنانيين بالسرور لاستقبال رئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا هولاند، انما يبقى هناك ضيق، حقيقة لا نستطيع ان نخفيه، وهو اننا كنا نتمنى ان يكون هناك مثل هذا الاستقبال او اهم منه في القصر الجمهوري بوجود رئيس جمهورية للبنان. كنا نتمنى ان يكون هناك رئيس جمهورية ليستقبل كبيرا آت من فرنسا الى لبنان ليتفقدنا ويراعي مشاكلنا ويساعد على حلها، فاهلا وسهلا بالسيد الرئيس في كل الحالات.
أضاف: كانت جولة من المحادثات تناولت مواضيع عديدة بما فيها الهبة للجيش اللبناني، وايضا تكلمنا في ما يتعلق بالحدود البحرية والاعتداءات الاسرائيلية. كذلك جرى الحديث حول موضوع اللاجئين ومحاولة الحل السياسي كي نستطيع ان نخفف من الاعباء التي يرزح تحتها لبنان، اضافة الى المواضيع التي تتعلق بالمنطقة، اليمن وسوريا والعراق وليبيا، الى ما هنالك من مشاكل ومن حروب وفتن، وركزنا خصوصا على موضوع الارهاب.

فرنسا الى جانب لبنان
ثم صرح هولاند قائلا: أود اولا ان اشكرك على استقبالي هنا في مجلس النواب اللبناني، مع زملائكم الذين شاركوا في هذا اللقاء. اردت فعلا ان آتي الى لبنان في هذا السياق الصعب، وهو سياق تعيشونه هنا في لبنان. انها المرة الثانية التي ازور فيها لبنان منذ اصبحت رئيسا للجمهورية، المرة الاولى في العام 2012 في ظروف صعبة بسبب اغتيال رئيس شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي وسام الحسن.
جئت اليوم، ونحن نقف الى جانبكم لان لبنان محاط بأزمات وحروب وهو يريد ان يعيش في الوحدة وفي الامن. ولبنان الذي يعرف الحروب على حدوده يعرف ايضا التهديد الارهابي، فهذا البلد استقبل ويستقبل الكثير من اللاجئين، اكثر من مليون وخمسمئة الف لاجئ، وعلينا بالتالي ان نؤمن للبنان التضامن والمساعدة. ونحن نقوم بذلك في فرنسا بروح من الاحترام والصداقة لان الروابط بين فرنسا ولبنان هي روابط تاريخية وثقافية ولغوية واقتصادية ايضا، ولكنها في الاساس روابط انسانية، فهناك عدد كبير من اللبنانيين الذين لديهم روابط بفرنسا، وهذا يدعوهم للتواجد في فرنسا في بعض الظروف.
وأضاف: رسالتي بسيطة للغاية، فرنسا تقف الى جانب لبنان وهي ستحرص على ان يتم تعزيز الامن فيه من خلال التعاون العسكري. فرنسا تقف الى جانب لبنان لانه علينا ان نعطيكم مع الاسرة الدولية الوسائل للقيام بذلك، وفرنسا ستشارك في هذه الجهود. فرنسا تقف الى جانب لبنان على الصعيد الاقتصادي ايضا، لان لبنان هو المنفذ بالنسبة الى المنطقة، ولا بد له من ان يتمتع بحيوية اقتصادية من خلال نظام مصرفي واقتصادي. لقد تحدثت عن ذلك مع دولة الرئيس، اريد ان اعود الى لبنان في اسرع وقت، لكي التقي برئيس الجمهورية، ولكن الجواب ليس في يدي، الجواب معكم، الجواب مع البرلمانيين اللبنانيين، وانتم تمرون في مرحلة حاسمة فعلا لانه عليكم ان تحلّوا هذه الازمة وان تنتخبوا رئيسا للجمهورية اللبنانية، فهذا يعتبر بمثابة مؤشر، وايضا سيشير الى ما يمكنكم القيام به على الرغم من صعوبة المشاكل التي تعرفها المنطقة. انا اثق بكم واعرف انكم ستتمكنون من القيام بذلك.
ثم زار بري وهولاند كنيسة مار جرجس للروم الارثوذكس والجامع العمري في محيط المجلس.

محادثات السراي
وفي السراي الكبير أعلن رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، انه تمنى على هولاند أن تستأنف فرنسا الجهود من أجل الدفع نحو انتخاب رئيس بأسرع وقت.
ونقل عن الرئيس الفرنسي حرصه على أمن لبنان، وأهمية حفظ الاستقرار فيه، وقال: كنا نتمنى أن نتشرف باستقبال الرئيس الفرنسي بمعية رئيس الجمهورية، ولكن للأسف، هذا المنصب شاغر بسبب الإخفاق في انتخاب رئيس، مبديا تقديره لحرص هولاند على زيارة لبنان رغم الظروف الراهنة في لبنان والمنطقة.
وعن الملف السوري، قال سلام: كان لنا نقاش معمق حول ملف النزوح السوري وتبعاته، وما يمكن أن تقوم به فرنسا مباشرة، وفي المحافل الدولية، من أجل مساعدة لبنان في تحمل هذا العبء. كما كانت مناسبة لاستعراض الجهودالدبلوماسية والسياسية المبذولة لحل الأزمة السورية.

امن لبنان سلام فرنسا
من جهته، تطرق الرئيس الفرنسي، في كلمته إلى تفجيري برج البراجنة، بقوله: عشية الاعتداءات التي تعرضت لها باريس، حصل اعتداء ارهابي في لبنان، كما لو انه كان هناك تضامن بيننا في المحنة والمأساة.
وإذ نوه بالعلاقات اللبنانية - الفرنسية، أكد ان فرنسا تقف إلى جانب لبنان، بحكم علاقات التاريخ والقرب الجغرافي، والعلاقات التي نُسجت جيلا بعد جيل بين الفرنسيين واللبنانيين، إضافة إلى الثقافة واللغة.
وقال: أعبر عن احترامي العميق لشخص سلام ووظيفته، لأنه يقوم بمهامه في ظروف استثنائية، نظرا إلى ما يحصل في الدول المجاورة للبنان، في سوريا والعراق.
وأضاف موجهاً الكلام لسلام نحن نعرف الشجاعة التي تحليتم بها لمواجهة التحديات الداخلية، لا سيما التحديات الأمنية واستقبال اللاجئين والإدارة اليومية لشؤون البلاد في ظل غياب رئيس للجمهورية.
وأعلن أن المساعدة الفرنسية للاجئين السوريين في لبنان، ستصل إلى 50 مليون يورو هذه السنة، و100 مليون يورو في السنوات الثلاث المقبلة. وقال: وزير دفاعنا، سيحدد مع وزير الدفاع اللبناني، القيمة المالية التي من الممكن أن توضع من أجل مساعدة اللبنانيين. وأضاف: حريصون على أمن لبنان، والسلام في الشرق الأوسط هو سلام فرنسا والعالم، وسوف نعمل على تقديم مساعدات فورية لتعزيز قدرات لبنان الأمنية لمواجهة أي تهديد في الأيام المقبلة.
وأكد حرصه على سلامة لبنان ووحدته وسيادته، معتبرا انه من مسؤولية فرنسا اليوم تجاه لبنان تجنيد قوى المجتمع الدولي للمساعدة في أزمة اللاجئين، ولبنان بحاجة إلى تعزيز وضعه، ولديه كل ما يحتاجه من أجل التنمية، ونحن سنقوم بهذه المهمة، وفي 27 أيار/مايو وزير خارجيتنا سيجتمع مع مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان.
وقال: زيارتي اليوم، هي من أجل أن أتمنى انتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن، لا سيما أن الرئيس ميشال سليمان استقبلني في زيارتي الأولى، آملا أن تسرِّع زيارته في انتخاب رئيس، مستطردا لكن الجواب عندكم، ونحن نثق بالبرلمان اللبناني في انتخاب رئيس، وهذه مصلحة لبنان والمنطقة والمجتمع الدولي.

جهود لانتخاب الرئيس
وكان رئيس الحكومة تمام سلام قد لفت بعد لقائه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بقوله سررت اليوم باستقبال صديق لبنان الكبير هولاند، الذي نقدّر تقديراً عالياً حرصه على زيارتنا في هذا الوقت بالذات، رغم الظروف التي يمرّ بها بلدنا ومنطقتنا، فكان لقاؤنا مناسبة لتبادل الآراء في كل ما يهمّ لبنان وفرنسا، والاستماع الى وجهة النظر القيّمة لهولاند، حول العلاقات الثنائية والاوضاع في لبنان والشرق الأوسط.
وأشار سلام الى أننا كنا نتمنى أن نتشرف باستقبال الرئيس الفرنسي بمعيّة رئيس الجمهورية اللبنانية، لكن للأسف فإن هذا المنصب شاغر منذ قرابة عامين بسبب إخفاق نواب الأمة كما تعرفون في انتخاب رئيس، وهذه المشكلة كانت في صلب محادثاتنا مع هولاند الذي أكد حرص فرنسا على وحدة لبنان وسيادته واستقلاله، وعلى انتظام عمل المؤسسات الدستورية فيه، الأمر الذي يقتضي في المقام الأول انتخاب رئيس للجمهورية، وقد تمنينا على هولاند أن تستأنف فرنسا، بما تملكه من وزن وصداقات مع جميع الفرقاء، الجهود التي سبق ان بدأتها من أجل الدفع في انجاز الاستحقاق الرئاسي في أقرب الآجال.
وشكر سلام هولاند على الدور الذي تقوم به الوحدة الفرنسية العاملة في إطار قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان ال FINUL، وعلى الدعم الذي قدمته فرنسا وما زالت تقدمه للجيش والقوى الأمنية اللبنانية، كذلك عبّرنا عن ارتياحنا للتعاون الوثيق في معركتنا المشتركة ضد الارهاب، وفي هذا المجال جدّدنا لهولاند التعبير عن تعازينا للشعب الفرنسي بالضحايا الذين سقطوا في الاعتداءات الوحشية التي وقعت في باريس في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وقد أكد لنا هولاند حرصه على أمن لبنان وأهمية حفظ الاستقرار فيه وتجنيبه تداعيات الحرب الدائرة في سوريا، وكان لنا نقاش معمّق حول ملف النزوح السوري وتبعاته، وما يمكن أن تقوم به فرنسا مباشرة، وفي المحافل الدولية، من أجل مساعدة لبنان في تحمل هذا العبء.
واكد انه كانت ايضاً مناسبة لاستعراض الجهود الدبلوماسية والسياسية المبذولة لحلّ الأزمة السورية، كما وجهنا له التهنئة بنجاح فرنسا في تنظيم قمة تغيّر المناخ التي عقدت في باريس بنهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، والتي خلصت الى اتفاقية باريس التي ستوقَع الاسبوع المقبل في نيويورك، كما أكّدنا لهولاند تمسكنا بقيم الحرية والديمقراطية والتعدّدية، وبتجربتنا الفريدة في العيش المشترك بين ابناء الطوائف والمذاهب المختلفة. وعبرّنا له عن مشاعر الصداقة التي يكنّها الشعب اللبناني للشعب الفرنسي، وعن تعلّقهم بفرنسا كمركز إشعاع حضاري في هذا العالم.



الوضع المسيحي في الزيارة
التقى الرئىس هولاند البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في قصر الصنوبر وبحث معه وضع مسيحيّي الشرق الأوسط، في ضوء توسّع خطر الجماعات المسلحة في سوريا والعراق، وتساءل هولاند: هل يخاطرون بحياتهم للبقاء أم أن عليهم الرحيل؟، مستدركاً إذا رحلوا فسيختل توازن الشرق الأوسط بكامله.
وفي السياسة والرئاسة، كانت اللقاءات مع رؤساء الطوائف والكتل والأحزاب إشارة فرنسية جديدة على اهتمام فرنسا كدولة عظمى صديقة لا مصالح لها، ويطالبها اللبنانيون بالتدخّل..
لم يلتق هولاند حزب الله، ولم يُعرف ما إذا كان التقى النائب ميشال عون أم ان اللقاء اقتصر على رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، إذ لا إشارة رسمية على حصول اللقاء. إلا أن مصدراً مقرّباً من الرابية أكد أن عون شارك في عشاء السفارة الفرنسية في قصر الصنوبر وعلى الهامش صافح المرشح الرئاسي النائب سليمان فرنجيه، الذي كان التقى هولاند مثل سائر القيادات السياسية.
إذاً، انتهت زيارة هولاند اللبنانية بالتأكيد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، حيث تعهّد بأن تبذل بلاده مساعٍ حميدة مع كل من المملكة العربية السعودية وإيران.

كادر

عشاء قصر الصنوبر

اختزل العشاء الذي أقامه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في قصر الصنوبر مقرّ إقامة السفير الفرنسي في لبنان، زيارة العمل الرئاسيّة للبنان. كان يُفترض أن يُقيم الرئيس اللبناني العشاء، لكن لعدم وجود هذا الرئىس دعا الرئيس الفرنسي لعشاء شارك فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الوزراء تمام سلام، ورئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، ومعظم المشاركين في طاولة الحوار بمن فيهم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، والنائب وليد جنبلاط، ورئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميّل، والنائب ميشال عون، إضافة إلى عدد من النواب والوزراء وقادة الأجهزة الأمنية. وعدد من الناشطين في المجتمع المدني، والصناعيين والاقتصاديين والمثقفين.
    قرأ هذا المقال   2383 مرة
غلاف هذا العدد