إختر عدداً من الأرشيف  
لبنان

سلسلة الرتب والرواتب جاهزة... فهل ينتهي المخاض؟
الموازنة تنتظر السلسلة... والسلسلة غارقة في السجالات والمزايدات!
أما الآن، فقد راحت السكرة وجاءت الفكرة. لم يعد هناك مكان للمزايدات في لحظة الحقيقة. واللبنانيون الذين انتظروا إقرار سلسلة الرتب والرواتب في المجلس النيابي هم اليوم أمام امتحان الأرباح والخسائر. وسيفكرون جيداً، هل إن إقرارها مفيد؟ ولمن؟ ولأية درجة؟ وهل ينعكس إقرارها سلباً على فئات من اللبنانيين فتزيد عليهم الأعباء فوق أعبائهم المتراكمة؟ وهل سيتحملها البلد أم يذهب إلى الهاوية كما يقول النائب ياسين جابر؟
طبيعي أن يفرح الذين تطاولهم السلسلة، خصوصاً أولئك الذين تتضاعف رواتبهم في بلد يعاني أهله الأمرّين من الضائقة المعيشية. ولكن، هناك فئات في القطاع العام لا تشملها السلسلة إلا بمقدار زهيد، وهناك العاملون في القطاع الخاص وذوو المهن الحرة الذين لا تشملهم التعديلات في الرواتب. وهؤلاء سيكونون ضحايا السلسلة على الأرجح.
فإقرار السلسلة سيقود حتماً إلى مستويات أعلى من التضخم، وسترتفع الأسعار في شكل واضح، وطبيعي أن تطاول كل الفئات. وفي هذه الحال، سيحافظ ذوو الزيادات المرتفعة على نسب كبيرة من المكاسب، فيما سيبتلع الغلاء ما حصل عليه ذوو الزيادات المتواضعة. وأما العاملون في القطاع الخاص فستتدنى قدرتهم الشرائية بقوة، ما يدفعهم إلى المطالبة سريعاً بتصحيح أجورهم.
وقد بدأت ملامح هذه الأزمة تطل باكراً، وعبّر العديد من خبراء الاقتصاد عن مخاوفهم من تداعياتها على القطاع الخاص، وما يمكن أن تثيره من أزمات في هذا القطاع الذي يعاني الكثير من المصاعب والتعثّر.
وفي الموازاة، سيصاب اللبنانيون جميعاً، في شكل مباشر وغير مباشر، بما سيلحق بهم من ضرائب. وعلى الأرجح، سيتأثر العديد من القطاعات. ومن الضرائب، ما جرت إضافته إلى الضريبة على القيمة المضافة أو رُخص البناء.
وهناك 22 ضريبة إضافية جرى فرضها لتأمين سلسلة الرتب والرواتب، وهذه أبرزها:
١- غرامة على أشغال الأملاك البحرية العامة لتأمين ما يقارب 75 مليار ليرة بعد الانتهاء من هذا الملف مع إجراء التسويات المطلوبة عليه.
2 - رفع رسم الطابع المالي على فواتير الهاتف والإيصالات التجارية والاتصالات لتأمين 140 مليار ليرة.
3 - رفع القيمة المضافة من ١٠% ل ١١% لتأمين 300 مليار ليرة.
4 - رفع الضريبة على أرباح الشركات من 15 إلى ١٧% لتأمين 120 مليار ليرة.
5 - فرض رسم إضافي على حمولة المستوعبات لتأمين 30 مليار ليرة.
6 - فرض ضريبة على الأرباح العقارية بنسبة ١٥% لتأمين 150 مليار ليرة.
7 - رفع معدل الضريبة على فوائد الودائع من 5 إلى ٧% لتأمين 410 مليارات ليرة.
8 - زيادة رسم بمعدل ١.٥% على تخمين رخص البناء لتأمين 110 مليار ليرة.
9 - زيادة الرسوم على المشروبات الروحية المستوردة لتأمين 60 مليار ليرة.
10 - فرض رسم مغادرة على المسافرين براً وبحراً وجواً لتأمين 125 مليار ليرة.
11 - زيادة الرسم على إنتاج الإسمنت لتأمين 50 مليار ليرة.
12 - تعديل الضريبة على توزيع الأرباح لتأمين 60 مليار ليرة.

البعض يسجّل أن الزيادات العالية أصابت إجمالاً ذوي المراكز العالية. وكثير من هؤلاء متَّهم بالهدر والفساد، ولا مَن يحاسب. وقد جاءته الزيادةمكافأة له على فساده!
لقد راهن الكثير من اللبنانيين على إقرار سلسلة الرتب والرواتب لتحقيق العدالة الاجتماعية. فهل سينجح رهانهم - إذا تحقق ذلك - أم يكتشفون أنهم يلحسون المبرد؟ ويجدر التذكير بأن المؤسسات الدولية تحذر منذ 4 أعوام: لا تقروا السلسلة قبل توافر الأموال... فمن أين سيجري تأمينها؟

البنود الضريبية
ثمة بنود ضريبية ترافق مشروع سلسلة الرتب والرواتب، لغايات تمويل رفع الحد الأدنى للأجور، وإعطاء زيادة غلاء معيشة للموظفين والمتعاقدين والأجراء في الإدارات العامة وفي الجامعة اللبنانية والبلديات والمؤسسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل، وتحويل رواتب الملاك الإداري العام وأفراد الهيئة التعليمية في وزارة التربية والتعليم العالي والأسلاك العسكرية، كما عدلته اللجان النيابية المشتركة في آذار/مارس 2017.
- تتعلق المادة الأولى بالضريبة على القيمة المضافة بحيث تصبح 11 بالمئة بدلا عن 10 بالمئة ويطبق هذا المعدل اعتباراً من الفصل الذي يلي الفصل الذي ينشر فيه هذا القانون.
- الضريبة الثانية تتعلق برسم الطابع المالي ويحدد معدل الرسم النسبي 4 بالألف، الا اذا نص هذا المرسوم الاشتراعي أو الجداول الملحقة به على اعتماد معدل آخر بالنسبة لبعض الصكوك والكتابات ويعتبر من اجل تطبيق الرسم النسبي، كسر الألف ليرة بمثابة الف كاملة. كما يفرض رسم الطابع المالي على الصكوك أياً كان شكلها واياً كانت جنسية الموقعين عليها واياً كان محل اقامتهم، وتحدد اصول تطبيق هذه المادة بقرار يصدر عن وزير المالية.
وبناء عليه يصبح رسم الطابع المالي بحسب المادة الثالثة على الشكل التالي: كل خلاصة للسجل العدلي عندما تسلم للأفراد 4000 ليرة لبنانية، كل ايصال بقبض مبلغ من المال تعطيه الدولة والمؤسسات العامة والبلديات 1000 ليرة، وكذلك كل فاتورة تصدرها وزارة الاتصالات للمشتركين بخدمات الهاتف والانترنت.
- تحدد المادة الرابعة قيمة الضريبة على رخص البناء، وتنص على: رخصة بناء أو اعادة بناء أو اضافة بناء في جميع المناطق بما فيها المناطق المصنفة صناعية، عن كل متر مربع من البناء نسبة 1.5 بالمئة من القيمة التخمينية التي تحددها لجنة التخمين المختصة بالترخيص للبناء في كل محافظة.
- تنص المادة الخامسة على فرض رسم انتاج على الاسمنت، ويكون الرسم 6000 ليرة لبنانية عن الطن الواحد.
- المادة السادسة تشير الى رفع الرسوم على استهلاك المشروبات الروحية المستوردة في اللائحة رقم 5 من المرسوم رقم 4377 تاريخ ٢٩/١١/٢٠٠٠ على الشكل التالي: من 60 ليرة لبنانية الى 25 بالمئة من السعر النهائي للمنتج، من 200 ل.ل الى 35 بالمئة من السعر النهائي للمنتج، من 400 ل.ل الى 25 بالمئة من السعر النهائي للمنتج.
- تنص المادة السابعة على رفع الرسوم على استهلاك بعض أنواع التبغ والتنباك، بحيث يُرفع رسم الاستهلاك الجديد على الشكل التالي: سيجار وسيجارلوس 43.75 بالمئة، سجاير 135 بالمئة، غيرها من أصناف السيجار والسجائر 135 بالمئة، تبغ نرجيلة معسل 37.5 بالمئة، تبغ نرجيلة 135 بالمئة، تبغ وإبدال التبغ 135 بالمئة.
- تشير المادة الثامنة الى تعديل رسوم كتابة العدل بحيث ترتفع الرسوم حسب المعاملات المطلوبة، كذلك تشير المادة التاسعة الى الرسوم التي يتحصّل عليها الكاتب بالعدل ونسبة الخزينة منها.
- تفرض المادة العاشرة على المسافرين بطريق البر لدى مغادرتهم الأراضي اللبنانية رسم خروج قدره 5 آلاف ليرة لبنانية.
- المادة 11 تنص على فرض رسوم على المسافرين بطريق الجو على الرحلات التي تتعدى مسافتها 1259 كيلومتراً كوجهة نهائية لدى مغادرتهم الأراضي اللبنانية على الشكل التالي: 75 الف ليرة على كل مسافر من الدرجة السياحية، 110 آلاف ليرة لبنانية على كل مسافر من درجة رجال الأعمال، 150 الف ليرة على كل مسافر من الدرجة الأولى، 400 الف ليرة على كل مسافر على متن طائرة خاصة.
- تتحدث المادة 12 عن رسوم المستوعبات المستوردة من الخارج: مستوعب قياس 20 قدماً: 80 ألف ليرة لبنانية، مستوعب قياس 40 قدماً: 120 ألف ليرة لبنانية.
- المادة 13 تتحدث عن معالجة الإشغال غير القانوني للأملاك العامة البحرية. وهي لا تنص على فرض ضرائب على المواطنين، بل تسعى إلى تحصيل غرامات إشغال الأملاك العامة من دون وجه حق وإزالة المخالفات.
- وتنص المادة 14 على إخضاع جوائز اليانصيب لرسم نسبي، بحيث تخضع جوائز اليانصيب الوطني بجميع أنواعه، وجوائز اليانصيب الأجنبي المجاز بيع أوراقه في لبنان، التي تفوق قيمتها 10 آلاف ليرة لبنانية، لرسم نسبي قدره 20 بالمئة من قيمة هذه الجوائز، يؤخذ إيراداً للموازنة العامة.
- تتحدث المادة 15 عن ضريبة الدخل للمؤسسات، كما تخضع للضريبة بمعدل 15 بالمئة أرباح التفرغ عن العقارات التي تعود لأشخاص طبيعيين ومعنويين غير خاضعين للضريبة على الدخل.
- تشير المادة 16 الى فرض رسم على عقود البيع العقاري، 2 بالمئة يحتسب على ثمن المبيع المبيّن في العقد ويضاف اليه الرسم البلدي وذلك كدفعة من أصل قيمة رسم الفراغ العقاري.
- تنص المادة 17 على خضوع أرباح شركات الأموال الشركات المغفلة، محدودة المسؤولية، التوصية بالأسهم بالنسبة للشركاء الموصين لضريبة نسبية قدرها 17 بالمئة.
- تنص المادة 19 على أنه تخضع لأحكام قانون ضريبة الدخل بمعدل 7 بالمئة: فوائد وعائدات وايرادات جميع الحسابات الدائنة المفتوحة لدى المصارف بما فيها حسابات التوفير باستثناء الحسابات المفتوحة باسم الحكومة والبلديات والمؤسسات العامة والبعثات الدبلوماسية والقنصلية الاجنبية في لبنان.
وفي الموازاة، من المفترض أن يتخذ المجلس النيابي قراراً بوقف التوظيف في الإدارات العامة لمدة عامين.

ردود فعل متناقضة
وقد أحدث مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب عشية إحالته إلى المجلس النيابي ردود فعل متناقضة في أوساط الأساتذة والمعلمين والموظفين على اختلاف فئاتهم ومواقعهم، وسط اعتصامات الأساتذة والمعلمين والموظفين الذين غرقوا في الانقسامات، لأن الصيغة التي جرى إقرارها قائمة على التمييز واللامساواة في التشريع، وأظهرت التناقضات وتضارب المصالح بين القطاعات الوظيفية المشمولة بالمشروع.
فأساتذة التعليم الثانوي الرسمي الفئة الثالثة ينفذون إضراباً مفتوحاً في الثانويات الرسمية ودور المعلمين منذ أكثر من أسبوع احتجاجاً على مشروع السلسلة الذي يضرب موقعهم الوظيفي المتمثل بفارق 6 درجات عن أستاذ الجامعة اللبنانية، و10 درجات عن المدرس في التعليم الأساسي الرسمي و٦٠% عن موظف الإدارة العامة. واعتراضاً على اعطائهم نسبة زيادة هزيلة و3 درجات استثنائية فقط. ويفتقد 2174 أستاذاً ثانوياً نجحوا في مجلس الخدمة المدنية احتضان رابطة الأساتذة الثانويين ويطالبون بإصدار مرسوم الالتحاق بكلية التربية للخضوع لسنة كفاءة، والذي يترتب عليه الإلحاق بالثانويات بصفة موظفين لديهم راتب ثابت. بالمناسبة، هؤلاء لم يقبضوا مستحقاتهم الحالية كمتعاقدين.
وفي القطاع، فئة ثالثة تسمى ناجحين فائضين في مباراتي 2008 و2016 في مجلس الخدمة. ويقارب هؤلاء ال 2000 أستاذ لا يزالون متعاقدين، وقد صدر قانون تعيينهم في الملاك في كانون الثاني/يناير الماضي، إلا أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون لم يوقعه وردّه إلى المجلس النيابي.
وهناك فئة المتعاقدين الذين تجاوزوا السن القانونية للمباراة أي 44 عاماً ويطالبون بالتثبيت في الملاك من دون الخضوع لأي اختبار، وهم أمضوا عشرات السنوات في التعاقد، وهناك أيضاً فئة المستعان بهم وهؤلاء ليست لديهم عقود رسمية ويقبضون من صناديق الثانويات أو من الدول المانحة.
ونال مدرّسو التعليم الأساسي الرسمي الفئة الرابعة الموجودون في الملاك قبل 1/1/2010، 6 درجات استثنائية، إضافة إلى نسبة الزيادة في السلسلة. ولكن جرى استثناء المدرسين المعينين في عام 2010 و2013 من أية درجة استثنائية، بحجة أنهم أخذوا حقهم وزيادة حين عينوا عند الدرجة 15. وهناك آلاف المتعاقدين الذين أمضوا ما يزيد على 20 سنة في التعاقد ويطالبون بتعيينهم أجراء، وهناك متعاقدون رسميون ومستعان بهم جدد لا عقود رسمية معهم يطالبون بتثبيتهم عبر المباراة. وأما أساتذة الفئة الثالثة والفئة الرابعة في التعليم المهني والتقني ف ٩٥% منهم متعاقدون ولم تشملهم الزيادة عبر السلسلة، إنما غلاء معيشة فقط.

لا لزيادة الدوام
وواضح أن موظفي الإدارة العامة حصلوا على نسبة الزيادة الأعلى بين القطاعات الوظيفية، وراوحت ما بين ٨٤% و١٦٨%، بحسب الفئات الوظيفية. وهم بالتالي ليسوا في وارد أي تحرك احتجاجي، بل يترقبون إقرار سلسلة الرتب والرواتب في أسرع وقت وإن كانوا يعترضون على زيادة الدوام، لما له، كما قالوا، من أثر سلبي وترتيب أعمال إضافية على الموظف. لكن في الإدارة العامة، ثمة مستخدمون ومتعاقدون وأجراء دائمون ومؤقتون وأجراء بالفاتورة لم ينالوا أكثر من غلاء معيشة.
وأما المتقاعدون الإداريون والعسكريون والدبلوماسيون والمعلمون فرفضوا المشروع لأنه يحرمهم من مبدأ المساواة مع المتقاعدين القضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية، ومن الاستفادة مما دفعوه سلفاً كأمانة في صندوق الخزينة تحت بند المحسومات التقاعدية التي تبلغ ٦% من راتب كل شهر، فضلاً عما يحوّل من حسومات على كل زيادة أو درجة على الراتب. فهناك مخالفة لمبدأ المساواة بين المتقاعد القديم والمتقاعد الجديد في ظل أية سلسلة رتب ورواتب، والتمييز بموضوع احتساب المعاشات التقاعدية بين أسلاك الدولة. والفارق كبير في المعاش التقاعدي للموظف العامل حالياً ويتقاعد قبل يوم واحد من تاريخ صدور قانون السلسلة الجديد، وبين الموظف الآخر الذي يتقاعد أيضاً بعد يوم واحد من هذا التاريخ.
والمعاش التقاعدي هو حق مكتسب للموظف لأنه تراكم لمحسومات وتعويضات خدمة اقتطعت من الرواتب ليستفيد منها في آخر سني عمره، بما يكفل أن يكون المعاش التقاعدي مضاعفاً في حال توظيف الأموال في صندوق مستقل للتقاعد، والذي صدرت بشأنه 5 مراسيم اشتراعية أولها في 1938 وآخرها في عام 1983 ولم ينفذ حتى تاريخه. والمفارقة هي أن الأموال المقتطعة تذهب إلى خزينة الدولة وتتصرف بها وزارة المال كما تشاء وكأنها ملك لها وليس لأصحابها، ثم تبحث عند إقرار المعاش التقاعدي عن تغطية لهذه الرواتب بعد بعثرة الأموال في مشاريع ليس لها علاقة بالمعاشات التقاعدية. والزيادة المقترحة للمتقاعدين هي ٢٠% لمن يتقاضى معاشاً يصل إلى مليون ليرة، ترتفع إلى ٤٠% في حال احتساب ال200 ألف ليرة الواردة في البند الأول من المادة 18 الخاصة بالمتقاعدين من أصل راتب التقاعد، و١٧% لمن يتقاضى معاشاً تقاعدياً يصل إلى مليون و350 ألف ليرة قد ترتفع إلى ٣٢%، و١٤% لمن يتقاضى معاشاً تقاعدياً يصل إلى مليوني ليرة قد ترتفع إلى ٢٤%، و١٢.٥% لمن يتقاضى معاشاً تقاعدياً يصل إلى مليونين و700 ألف ليرة ترتفع إلى ١٩.٧%.

القضاة يعترضون
ولعل الإعتراض الأبرز على سلسلة الرتب والرواتب جاء من جانب الجسم القضائي. فقد نفذ القضاة وقفة احتجاجية في قصر العدل وأعلنوا الاعتكاف في مكاتبهم، على أن يتم الاستمرار في النظر في قضايا الموقوفين، والقضايا الملحة، والتدابير الاحتياطية التي لا تحتمل التأجيل، وجلسات المزايدة العلنية، ريثما تتم معالجة الخلل القائم.
ويرى القضاة أن مشروع قانون السلسلة يمس بكرامتهم، لا سيما أنها أقرت من دون استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى، عملاً بالمادة 5 من المرسوم الإشتراعي 150/83، التي توجب استطلاع رأي السلطة المختصة بالقضاء في الأمور التي تتعلق به.
ويقول الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى غالب غانم إنه يجب تطبيق النص الحرفي للمادة 5، وبالتالي لا يجوز تجاوز الصلاحيات المعطاة لمجلس القضاء الأعلى، والقيام بإجراءات تطال حقوق القضاة من دون أخذ رأيه.
ويشير المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية إلى أن اعتراض القضاة جاء رداً على مشروع قانون السلسلة وعلى تقليص العطلة القضائية، من شهرين إلى شهر واحد، وجعل رواتب موظفي الفئة الأولى أعلى من رواتب القضاة، بنحو مليون ومئة ألف ليرة، وهو أمر يعبر عن نظرة دونية إلى القضاء، ويجب تصحيحه. فلا يعقل أن يكون راتب القاضي أدنى من راتب موظف فئة أولى.
واستغرب النائب سامي الجميل، في مؤتمر صحافي، كيف أنه ممنوع المس بالهدر والفساد، لكن من المسموح تمويل السلسلة من جيب المواطن وفرض الضرائب؟. وأكد الجميل أن الضرائب تطال كل اللبنانيين من دون استثناء، وليس صحيحاً أنها ستطال طبقة معينة فحسب، مضيفاً أن مشكلتنا ليست مع إقرار السلسلة، بل مع تمويلها.
ويقول عضو المكتب السياسي في حزب الكتائب سيرج داغر إن تمويل السلسلة يكون باستعادة الأموال من مصادر الهدر، سواء تمثلت بالتهرب الضريبي أو الأموال المهدورة في المرفأ والكهرباء وغيرها. وبالتالي فإننا نرفض تحميل المواطن أعباء إضافية تزيد من حدة الفقر في البلاد. ويكشف داغر أن تصعيد الكتائب سيبدأ بالتصويت ضد الموازنة في مجلس النواب، مع درس خيارات أخرى سيتم الإعلان عنها لاحقاً.
في هذه الأجواء، أكدت مصادر نيابية أن سلسلة الرتب والرواتب ربما تكون أمام جولات جديدة من النقاش في المجلس النيابي لدرس التعديلات مجدداً. فالمطالب المطروحة، سواء بالنسبة لتثبيت المتعاقدين أو مطالب الأساتذة والمدرسين أو القضاة، سيتم التعامل معها بالمفرق وليس بالجملة، انطلاقاً من مراعاة مالية الدولة.
ولاحظت المصادر أن مناقشة السلسلة بمعزل عن الموازنة لا تبدو مفهومة. فالأعباء المالية المترتبة على السلسلة، والتي يُصرّ تكتل الاصلاح والتغيير على أن سقفها لن يتجاوز ال1200 مليار ليرة لبنانية، لا تتفق مع حسابات الاقتصاديين والدوائر المالية المطلعة على كلفة السلسلة. فالموازنة ستكون حاضرة بقوة في أية مداخلة أو مناقشة لأية مادة من مواد السلسلة.
ويختصر النائب ياسين جابر المشكلة بالقول: كلنا بات يعلم انّ هناك من يرفض الضرائب، لكننا امام سلسلة كلفتها 1200 مليار ليرة، فكيف نؤمّن التمويل؟ علماً انّ إيقاف الهدر والفساد لا يمكن ان ينتهي في يوم او اثنين. وعما اذا كان يعتقد انّ السلسلة ستخضع لكثير من التعديلات، قال: اللجان تعدّ السلسلة، وامّا الهيئة العامة فهي التي تقرر، خصوصاً أنّ هناك عدداً من البنود التي لم يتم الاتفاق عليها في اللجان المشتركة، وعلى الهيئة العامة ان تحسمها. والمشكلة اليوم هي انّ أحداً لم يرض بالزيادات المقترحة في السلسلة، والجميع يقارن نفسه وموقعه بغيره ويريد زيادة في الرواتب، إنما لا أحد يريد السير في الاصلاحات، بل فقط يتمسّك بالمحافظة على مكاسبه. فصحيح انّ هناك أجوراً تحسنت انما يجب في المقابل إدخال الاصلاحات، والا نحن امام مشكلة حقيقية، ومن دون الاصلاحات سيسير البلد الى الهاوية.
    قرأ هذا المقال   3905 مرة
غلاف هذا العدد