إختر عدداً من الأرشيف  
العالم

مهاتير محمد قطع تقاعده السياسي
وعاد بعمر ٩٢ عاماً لإنقاذ ماليزيا!
مهاتير محمد بعد ان حوَّل ماليزيا من دولة متخلفة الى دولة صناعية متقدمة، وذهب الى التقاعد، عاد ليخوض معركة ماليزيا من جديد بعد ان نخرها الفساد، وخاض الانتخابات وفاز بها، وبدأ بمحاربة الفساد من الرأس، باعتقال رئيس الوزراء السابق عبد الرازق ومحاكمته ومصادرة الأموال المنهوبة وإعادتها الى خزينة الدولة. ويلخص مهاتير محمد تجربته الطويلة في السياسة والحكم وهو في عمر ٩٢ عاماً بهذه الأقوال الآسرة والشجاعة.

قال مهاتير محمد لا بدّ من ضرورة توجيه الجهود والطاقات الى الملفات الحقيقية وهي: الفقر والبطالة والجوع والجهل، لأن الانشغال بالإيديولوجيا ومحاولة الهيمنة على المجتمع وفرض أجندات ووصايا ثقافية وفكرية عليه، لن يقود الا الى مزيد من الاحتقان والتنازع، فالناس مع الجوع والفقر، لا يمكنك ان تطلب منهم بناء الوعي ونشر الثقافة.
وقال: نحن كمسلمين، صرفنا أوقاتاً وجهوداً كبيرة في مصارعة طواحين الهواء عبر الدخول في معارك تاريخية، مثل الصراع بين السنَّة والشيعة وغيرها من المعارك القديمة. ونحن، في ماليزيا، بلد متعدد الأعراق والأديان والثقافات، وقعنا في حرب أهلية، ضربت بعمق أمن واستقرار المجتمع! وخلال هذه الاضطرابات والقلاقل، لم نستطع ان نضع لبنة فوق اختها! فالنتيجة في المجتمعات لا تتم الا اذا حل الأمن والسلام.


كان لزام علينا الدخول في حوار مفتوح مع كل المكونات الوطنية، من دون استثناء لأحد، والاتفاق على تقديم تنازلات متبادلة من قبل الجميع لكي نتمكن من توطيد الاستقرار والتنمية في البلد. وقد نجحنا في ذلك من خلال تبني خطة ٢٠٢٠ لبناء ماليزيا الجديدة. وتحركنا قدما لتحويل ماليزيا الى بلد صناعي كبير، قادر على المنافسة في السوق العالمية، بفضل التعايش والتسامح.
وأضاف: إن قيادة المجتمعات المسلمة، والحركة بها للأمام، ينبغي أن لا يخضع لهيمنة فتاوى الفقهاء والوعّاظ. فالمجتمعات المسلمة، عندما رضخت لبعض الفتاوى والتصورات الفقهية، التي لا تتناسب مع حركة تقدم التاريخ، اصيبت بالتخلف والجهل!
والعديد من الفقهاء حرّموا على الناس استخدام التلفزيون والمذياع، وركوب الدراجات، وشرب القهوة، بل وجرموا تجارب عباس بن فرناس للطيران!
وقال مهاتير: ان كلام العديد من الفقهاء ان قراءة القرآن كافية لتحقيق النهوض والتقدم قد اثر سلبا على المجتمع. فقد انخفضت لدينا نسب العلماء في الفيزياء والكيمياء والهندسة والطب، بل بلغ الامر، في بعض الكتابات الدينية، الى تحريم الانشغال بهذه العلوم!
واكد مهاتير على ان حركة المجتمع لا بد ان تكون جريئة وقوية، وعلى الجميع ان يدرك ان فتاوى وآراء النخب الدينية ليست دينا. فنحن نُقدس النص القرآني، ولكن من الخطأ تقديس اقوال المفسرين، واعتبارها هي الاخرى دينا واجب الاتباع!
وقال مهاتير: ان الله لا يساعد الذين لا يساعدون انفسهم فنحن المسلمين، قسمنا انفسنا جماعات وطوائف وفرق، يقتل بعضها بعضا بدم بارد، فاصبحت طاقتنا مهدرة بسبب ثقافة الثأر والانتقام التي يحرص المتعصبون على نشرها في ارجاء الامة، عبر الوسائل كافة، وبحماس زائد، ثم بعد كل ذلك، نطلب من الله ان يرحمنا، ويجعل السلام والاستقرار يستوطن ارضنا، ذلك ضرب من الخيال، في ظل سنن الله التي يخضع لها البشر.
لا بد من ان نساعد انفسنا اولا، وان نتجاوز آلام الماضي وننحاز للمستقبل. فنحن هنا، في ماليزيا، قررنا ان نعبر للمستقبل، وبمشاركة كل المكونات العرقية والدينية والثقافية، من دون الالتفات لعذابات ومعارك الماضي. فنحن ابناء اليوم، وابناء ماليزيا الموحدة، نعيش تحت سقف واحد، ومن حقنا جميعا ان نتمتع بخيرات هذا الوطن.

مهاتير بن محمد
مهاتير بن محمد واصلها بالعربية محاضر بن محمد ١٠ تموز/يوليو ١٩٢٥ سياسي ماليزي وهو رئيس وزراء ماليزيا الحالي، وسبق ان تولى رئاسة الوزراء فكان رابع رئيس وزراء لماليزيا في الفترة من ١٩٨١ الى ٢٠٠٣، وتعد اطول فترة لرئيس وزراء في ماليزيا، وكذلك من اطول فترات الحكم في آسيا. امتد نشاط مهاتير السياسي لما يقرب من ٤٠ عاما، منذ انتخابه عضوا في البرلمان الاتحادي الماليزي عام ١٩٦٤، حتى استقالته من منصب رئيس الوزراء في عام ٢٠٠٣. كان لمهاتير محمد دور رئيسي في تقدم ماليزيا بشكل كبير، اذ تحولت من دولة زراعية تعتمد على انتاج وتصدير المواد الاولية الى دولة صناعية متقدمة يساهم قطاعا الصناعة والخدمات فيها بنحو ٩٠% من الناتج المحلي الاجمالي، وتبلغ نسبة صادرات السلع المصنعة ٨٥% من اجمالي الصادرات.
كان خلال فترة حكمه من اكثر القادة تأثيرا في آسيا. كما يعتبر من اكثر المعارضين للعولمة. وبعد اعتزاله العمل السياسي اعلن عن خوضه من جديد للانتخابات العامة في ماليزيا ليفوز باغلبية المقاعد ويعلن عن تشكيل الوزارة ليصبح بذلك سابع رئيس وزراء لماليزيا، وبعمر ٩٢ عاما يصبح اكبر الحكام اعمارا في العالم.
    قرأ هذا المقال   592 مرة
غلاف هذا العدد